للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الحديث التاسع والثلاثون]

عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. حديث حسن رواه ابن ماجه والبيهقي وغيرهما (١).

قلت: وقد يروى هكذا "عفي لأمتي عن الخطأ" (٢) الحديث، وهو أحسن انتظامًا، ووجه انتظام الأولى أن تجاوز ضُمنَ (أ) معنى ترك تقديره: إن الله ترك لي عن أمتي الخطأ، أو تقديره: إن الله تجاوز لي من أمتي عن الخطأ (٣).

وأحْسِبُهَا مُرَكَّبَةً من عَجُزِ هذا الحديث، وَصَدرِ قَولهِ: "أن الله تجاوز لأمَّتِي عمَّا وسوست به صُدورُهَا" الحديث.

وبالجملة إذا فُهِمَ المعنى فلا مبالاة باضطراب الألفاظ.

وهذا الحديث عام النفع، عظيم الوقع، وهو يصلح أن يسمى نصف الشريعة؛ لأن فعل الإنسان إما أن يصدر عن قصد واختيار، وهو العمد مع الذكر اختيارا، أو لا عن قصد واختيار، وهو الخطأ والنسيان، أو الإكراه، وهذا القسم معفو عنه، والأول مؤاخذ به، فإذن هذا الحديث نصف


(أ) في ب تضمن.
(١) رواه ابن ماجه ١/ ٦٥٩ والبيهقي ٧/ ٣٥٦.
(٢) قال الألباني: لم أجده بلفظ "عفي" إرواء الغليل ١/ ١٢٣.
(٣) وقال الحافظ ابن رجب: تقديره: إن الله رفع لي عن أُمَّتي الخطأ، أو ترك ذلك عنهم فإن "تجاوز" لا يتعدَّى بنفسه. جامع العلوم والحكم (٢/ ٣٦٦ تحقيق شعيب الأرناؤوط).