للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

عزَّ وجلَّ خيرا في الباطن، وبالعكس.

وشبيه بهذا قوله عليه الصلاة والسلام: "إنكم تختصمون إليَّ (أ) ولعل بعضكم ألحن بحجته من بعض" (١) الحديث، وقوله عليه الصلاة والسلام: "نحن نحكم بالظاهر والله يتولى السرائر" (٢).

واعلم أن من العجب أن هذا الحديث الثابت كان عند ابن عمر، وهو نص في قتال مانعي الزكاة، ولم يبلغ أبا بكر وعمر حتى تشاجرا في قتالهم، وجرت بينهما مناظرة في ذلك، واحتاج أبو بكر إلى القياس بأن قال: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، وإلى الاستنباط من قوله عليه الصلاة والسلام: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" قال أبو بكر: والزكاة من حقها.

قلت: فلعل ابن عمر كان غائبًا أو مريضًا أو ناسيًا للحديث ذلك الوفي، ولقد وُفِّق أبو بكر حيث وقع استنباطه وقياسه موافقا لهذا النص، وخالفه عمر في هذا المقام، وكان الأولى موافقته لما عهد منه من موافقة النصوص، حتى قال: وافقت ربي في ثلاث (٣). ثم إن عمر رجع في هذه القضية إلى متابعة أبي بكر والله عزَّ وجلَّ أعلم بالصواب.


(أ) في س لدي.
(١) رواه البخاري ٢/ ٨٦٨ ومسلم ٣/ ١٣٣٧ من حديث أم سلمة.
(٢) قال الشوكاني في الفوائد المجموعة ٢٠٠ يحتج به أهل الأصول، ولا أصل له.
(٣) رواه مسلم / ١٨٦٥ ولفظه: وافقت ربي في ثلاث: في مقام إبراهيم، وفي الحجاب، وفي أسارى بدر.