للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

احتجاجًا بقوله عز وجلَّ {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إلا مَا سَعَى} [سورة النجم:٣٩] فإنه مذهب مرجوح بيَّنَّا (أ) ضعفه في غير موضع، وباقي الأئمة على خلافه.

ومذهب أحمد أن الحيَّ إذا تطوع بقربة وأهدى ثوابها لميت مسلم نفعه ذلك، وفي الحيِّ وجهان: أصحهما ينفعه أيضًا وهو موجب النظر.

وأما الجن فقد ثبت وجودهم بالنصوص القاطعة، وقد أحسن النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم ليلة وفدوا عليه فعلَّمهم وقراهم بأن جعل لهم كل عظم طعاما لهم، وكل روثة وبعرة علفا لدوابهم (١)، وفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أسوة حسنة، فإذا اتفق ظهورهم لأحد من الناس فينبغي أن يحسن إليهم بما يليق بهم.

فأما الشياطين والمردة ونحوهم فينبغي الإحسان إليهم بدعائهم إلى الخير وترك الشرِّ، كما يدعى كفار (ب) الإنس، فإن أبوا فلا حظَّ لهم في الإحسان، بل في الإساءة والهوان.

وأما الحشرات والهوامُّ والسباع المؤذية بالفعل أو القوة فلا حظَّ لها في الإحسان، بل الإساءة، وهي مخصوصة من عموم هذا الحديث بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم الحية والعقرب والفأرة والحدأة والكلب العقور" وقوله: "اقتلوا الأبتر وذا الطفيتين فإنهما يسقطان الحبل ويطمسان البصر" والله عزَّ وجلَّ أعلم بالصواب.


(أ) في م بينت.
(ب) في ب، م كافر.
(١) رواه مسلم ١/ ٣٣٢ من حديث ابن مسعود.