للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وفي الحديث "يد الله ملأى سَحَّاءُ الليلَ والنهارَ، أرأيتم ما أنفق منذ خلق السموات والأرض لم ينقص ما في يمينه" (١) أو كما قال.

قوله: "إلا كما ينقص المخيط من البحر" أي: لا ينقص شيئًا لأن الإبرة لا يتعلق بها من الماء شيء أصلا، وهذا بظاهره مخالف لقول الخضر لموسى: "ما نقص علمي وعلمك من علم الله عزَّ وجلَّ إلا كما نقص هذا العصفور من البحر" فإن نقر العصفور من البحر لا بد أن ينقصه شيئًا وإن قلَّ، لأن منقار العصفور يتعلق به شيء من الماء، ولذلك يزيل عطشه، بخلاف الإبرة، لكن ليس المراد أن علمهما نقص من علم الله عزَّ وجلَّ قليلًا ولا كثيرًا، إنما المراد تقريب أنَّه لم ينقص (أ) من علم الله شيئًا أصلًا.

ويحكى أن رجلًا سأل ابن الجوزي: هل ينقص بشرب العصفور البحر؟ فقال: أمعه شيء يضعه فيه؟.

وهذا جواب على جهة التحقيق، وقول الخضر لموسى على جهة التقريب، وإلا فلو فرضنا الوجود مملوءًا خردلًا وأخذنا (ب) منه خردلة لنقصه بالضرورة.

قوله: "أحصيها لكم" أي: تضبطها (ح) الحفظة. فإن قيل: ما


(أ) في م لم ينقص شيء من علم الله.
(ب) في ب وأخذ أحد، وفي م وأخذ العصفور.
(جـ) في س أي الحفظة، وفي أ، م أي بعلمي وملائكتي الحفظة.
(١) رواه البخاري ٤/ ١٧٢٤ ومسلم ٢/ ٦٩١ من حديث أبي هريرة.