للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقوله: "كف عليك هذا" إما أنه وضع (على) موضع (عن)، أي: كُفَّهُ عنك، أو أنه ضمن كُفَّ بمعنى احبس، أي: احبس عليك لسانك، لا يَزِلُّ عليك بكلام يؤذي. وفي الحكمة "لِسَانُكَ أَسَدُكَ إِن أَطْلَقْتَهُ فَرَسَكَ، وإن أَمْسَكْتَهُ حَرَسَكَ" وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يمسك لسانه فيقول: هذا الذي أوردني الموارد (١).

وقوله: "كف عليك" يحتمل أنه عام خص بالكلام بالخير لقوله "فليقل خيرا أو ليصمت" ويحتمل أنه من باب المطلق، وقد عمل به في كف اللسان عن الشر فلا تبقى له دلالة على غير ذلك، وأصل الاحتمالين أن الفعل يدل على المصدر لكن هل يقدر المصدر مُعَرَّفًا فيعم نحو (اكفف الكفَّ) أو منكرا فلا يعم نحو (اكفف كفًّا) أو يبنى على أن المصدر جنس فيعم، أو لا فلا يعم. وعليه اختلف فيما أحسب فيما إذا قال: (طلقتك طلاقا) هل يقع ثلاثا أو واحدة.

قول معاذ: "وإنا لمؤاخذون بما نتكلم به" هذا استفهام استثبات وتعجب واستغراب يدل على أن معاذا لم يكن يعلم ذلك.

فإن قيل: كيف (أ) خفي هذا عن معاذ مع قوله عليه الصلاة والسلام: "أعلمكم بالحلال والحرام معاذ بن جبل" (٢) والكلام المؤاخذ به حرام،


(أ) في ب، س فأين.
(١) رواه ابن أبي شيبة في المصنف ٩/ ٦٦ وهناد في الزهد ٢/ ٥١٢ عن زيد بن أسلم عن أبيه.
(٢) رواه الترمذي ٥/ ٦٦٥ وابن ماجه ١/ ٥٥ من حديث أنس قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح.