للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أما محبتها لفعل الخير وتقديم الآخرة (أ) بها عند الله عزَّ وجلَّ ونحو ذلك فهي عبادة لقوله عليه الصلاة والسلام: "نعم المال الصالح للرجل الصالح يصل به رحما أو يصنع به معروفا" (١) أو كما قال.

وفي الأثر "إذا كان يوم القيامة جمع الله عزَّ وجلَّ الذهب والفضة كالجبلين العظيمين ثم يقول: هذا مالنا عاد إلينا سَعِدَ به قوم وشقي به آخرون".

وأمَّا أن الزهد فيما عند الناس سبب لمحبة الناس فلأن الناس يتهافتون على الدنيا بطباعهم، إذ الدنيا ميتة والناس كلابها، فمن زاحمهم عليها بغضوه (ب)، ومن زهد فيها وَوَفَّرَهَا عليهم أحبوه، وعَدُوُّ المرء من يعمل عمله.

ومما يروى من شعر الشافعي - رضي الله عنه - في هذا المعنى قوله (٢):

وَمَنْ يَذُقِ الدُّنْيَا فَإِنِّي طَعِمْتُهَا ... وَسِيْقَ إِلَيْنَا عَذْبُهَا وَعَذَابُهَا

فَلَمْ أَرَهَا إلا غُرُوْرًا وَبَاطِلًا ... كَمَا لاَحَ فِي ظَهْرِ الفَلاَةِ سَرَابُهَا

وَمَا هِيَ إلا جِيفَةٌ مُسْتَحِيْلَةٌ ... عَلَيْهَا كِلاَبٌ هَمُّنَّ اجتِذَابُهَا

فَإِن تَجْتَنِبْهَا كُنْتَ سِلْمًا لأَهْلِها ... وَإِن تَجْتَذِبْهَا نَازَعَتْكَ كِلاَبُهَا.


(أ) في أ، س، م الأجر.
(ب) في م أبغضوه.
(١) رواه البخاري في الأدب المفرد ٨٤ (الطبقة السلفية) وأحمد ٤/ ١٩٧ من حديث عمرو بن العاص بنحوه. وصححه الألباني في صحيح الأدب المفرد ١٢٧.
(٢) ديوان الشافعي ١٣١ طبعة د / محمد زهدي يكن.