وأجيب عنه بمنع الكلية، فلا يلزم ما ذكروه إلا في حق المخلوقين.
والتحقيق أن أفعال الله عزَّ وجلَّ معللة بِحِكَمٍ غائية يعود بنفع المكلفين، فَكَمَالُهُمْ لا ينفع اللهَ عَزَّ وَجَلَّ وَكَمَالَهُ، لاستغنائه بذاته عما سواه.
البحث الثاني: أن رعاية المصالح تفضل من الله عزَّ وجلَّ على خلقه عند أهل السنة، واجبة عليه عند المعتزلة.
حجة الأولين: أن الله عزَّ وجلَّ متصرف في خلقه بالملك، ولا يجب لهم عليه شيء، ولأن الإيجاب يستدعى موجبا أعلى، ولا أعلى من الله عز وجل يوجب عليه.
حجة الآخرين: أن الله عزَّ وجلَّ كلَّف خلقه بالعبادة، فوجب أن يراعى مصالحهم إزالة لعللهم في التكليف، وإلا لكان ذلك تكليفا بما لا يطاق أو شبيهًا به.
وأجيب عنه بأن هذا مبني على تحسين العقل وتقبيحه، وهو باطل عند الجمهور.
والحق أن رعاية المصالح واجبة من الله عزَّ وجلَّ حيث التزم التفضل بها، لا واجبة عليه، كما قلنا في {إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ}[النساء: ١٧] أن قبولها واجب منه، لا عليه، وكذلك الرحمة في قوله عزَّ وجلَّ {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ}[الأنعام: ٥٤] ونحو ذلك.
البحث الثالث: في أن الشرع حيث راعى مصالح الخلق هل راعى مطلقها في جميع محالها، أو أكملها في جميع محالها، أو أوسطها في جميع محالها،