إذا عرف هذا فمن المحال أن يراعى الله عزَّ وجلَّ مصلحة خلقه في مبدئهم ومعادهم ومعاشهم، ثم يهمل مصلحتهم في الأحكام الشرعية، إذ هي أهم، فكانت بالمراعاة أولى، ولأنها أيضًا من مصلحة معاشهم إذ بها صيانة أموالهم ودمائهم وأعراضهم فلا معاش لهم بدونها فوجب القول بأنه راعاها لهم، وإذا ثبت (أ) رعايته إياها لم يجز إهمالها لها بوجه من الوجوه، فإن وافقها النص والإجماع وغيرهما من أدلة الشرع فلا كلام، وإن خالفها دليل شرعي وُفِّقَ بينه وبينها بما ذكرناه من تخصيصه بها، وتقديمها بطريق البيان.
وأما رعاية المصلحة مبرهنة فقد دلَّ عليه ما ذكرناه من اهتمام الشرع بها وأدلته.
وأما الإجماع فالنظر في لفظه وحَده وأدلته والاعتراض عليها، ثم معارضتها.
أما لفظه: فهو إفعال من أجمع يُجمِع، وهو في اللغة العزم والاتفاق يقال: أجمع القوم على كذا إذا عزموا، وإذا اتفقوا أيضًا.
وأما حده اصطلاحا: فهو اتفاق مجتهدي هذه الأمة على أمر ديني.