للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فهو سبب الاتفاق المطلوب شرعا، فكان اتباعه أولى.

وقد قال الله عزَّ وجلَّ {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} [سورة آل عمران: ١٠٤] {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم في شيء} [سورة الأنعام: ١٦٠] وقوله عليه الصلاة والسلام: "لا تختلفوا فتختلف قلوبكم" (١) وقد قال عزَّ وجلَّ في مدح الاجتماع {وألَّف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم} [سورة الأنفال: ٦٤] وقال عليه الصلاة والسلام "وكونوا عباد الله اخوانا" (٢) ومن تأمل ما حدث بين اتباع أئمة المذاهب من التشاجر والتنافر (أ) علم صحة ما قلنا، حتى إن المالكية استقلوا بالمغرب، والحنفية بالمشرق، فلا يُقارُّ أحد المذهبين أحدًا من غيره (ب) في بلاده إلا على وجهٍ ما، حتى بلغنا أن أهل جيلان من الحنابلة إذا دخل إليهم حنفي قتلوه وجعلوا ماله فيئًا، كحكمهم في الكفار، وحتى بلغنا أن بعض بلاد ما وراء النهر من بلاد الحنفية كان فيه مسجد واحد للشافعية، فكان والي البلد يخرج كل يوم لصلاة الصبح فيرى ذلك المسجد، فيقول: أما آن لهذه الكنيسة أن تغلق! فلم يزل كذلك حتى أصبح يومًا وقد سُدَّ باب ذلك المسجد بالطين واللبن


(أ) في س والتنازع.
(ب) في م من الآخر.
(١) رواه مسلم ١/ ٣٢٣ من حديث أبي مسعود.
(٢) قطعة من الحديث الخامس والثلاثين من هذا الأربعين.