للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا مستند لهما إلا استحسان إقباله على العبادة.

ولا يقال: إنما تركا هذا النص على قتله بقوله عليه الصلاة والسلام: "نهيت عن قتل المصلين" (١) لأن ذلك نسخ في حق هذا الشخص لهذا النص الخاص المتأخر، فظهر أن تركهما للأمر (أ) بقتله إنما كان استحسانًا منهما مُجَرَّدًا، وهو من باب ما نحن فيه من معارضة النصوص ونحوها بالمصالح.

هذا مع أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم ينكر عليهما ترك أمره، ولا عاتبهما، ولاَ ثرَّب عليهما، بل سلَّم لهما حالهما، وأجاز اجتهادهما لما علم من مرتبتهما وصدقهما (ب) في ذلك، فكذلك من قدم رعاية مصالح المكلفين على باقي أدلة الشرع، يقصد بذلك إصلاح شأنهم وانتظام حالهم وتحصيل ما تفضل الله عزَّ وجلَّ به عليهم من الصلاح وجمع الأحكام عن التفريق (جـ)، وائتلافها عن الاختلاف، فوجب أن يكون جائزا إن لم يكن متعينا، ووجب أن يكون تقديم رعاية المصالح على باقي أدلة الشرع من مسائل الاجتهاد على أقل أحواله، وإلا فهو راجح (د) متعين كما ذكرنا، فقد ظهر بما قررناه أن


(أ) في ب وظهر تركهما الأمر، وفي م أن تركهما الأمر.
(ب) في س، م وقصدهما.
(جـ) في س من التفرق.
(د) في س أرجح.
(١) رواه الطبراني في المعجم الكبير ١٨/ ٢٦ من حديث أنس. قال الهيثمي وفيه عامر بن يساف وهو منكر الحديث. مجمع الزوائد ١/ ٢٩٦.