للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

تغيير المنكر من الإيمان، وتأويله على ما سبق من أنه من آثار الإيمان ومقتضاه، لا من حقيقة معناه إذ سبق في حديث جبريل - عليه السلام - أن الإيمان هو التصديق بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، فوجب تأويل هذا على ما ذكرنا جمعا بين الحديثين (١)، فالتقدير إذًا: وذلك أضعف آثار الإيمان وثمراته؛ لأن تغيير المنكر بالقلب لازم وهو كراهة الشخص له، وتغييره باليد واللسان مُتَعَدٍّ، إذ فيه كراهة المنكر وإزالته.

وجاء في حديث آخر "وهو أضعف الإيمان" "ليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" (٢) لأنه إذا لم يكره المنكر بقلبه فقد رضي بمعصية الله عزَّ وجلَّ وليس ذلك من شأن أهل الإيمان.

فإن قيل: إذا رضي بالمنكر بقلبه ولم يكره هل يكفر بذلك أم لا؟


(١) كلا، لا يجب ذلك، ولا يستحب، ولا يباح، بل دخول الأعمال في الإيمان من أبرز مذاهب أهل السنة. قال ابن رجب في فتح الباري: وأكثر العلماء قالوا: هو قول وعمل، وهذا كله إجماع من السلف وعلماء أهل الحديث.
وحكى الشافعي: إجماع الصحابة والتابعين عليه، وحكى أثور الإجماع عليه أيضًا. فتح الباري في شرح صحيح البخاري ١/ ٥.
(٢) خلط المؤلف حديث أبي سعيد الخدري بحديث ابن مسعود، ذلك أن جملة "وهو أضعف الإيمان" من حديث أبي سعيد، وجملة "وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل" من حديث ابن مسعود، وأوله "ما من نبي بعثه الله في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون، وأصحاب يأحذون بسنته ويقتدون بأمره. ثم إنها تخلف من بعدمهم خلوف، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن، ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن، ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن. وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل".