للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عزَّ وجلَّ: {أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [سورة البقرة: ١٧٨].

ثم التقوى أخص من الإيمان فكذا الصدق الذي هو رديفها أو كرديفها واستفيد هذا من قوله عزَّ وجلَّ: {لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكُمْ} [سورة البقرة: ١٧٨] الآية.

ويروى أن أعرابيا بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - على أن يترك خصلة من خصال وهي الزنا والسرقة والكذب ونحوها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "دع لي منهن الكذب" فذهب الأعرابي فجعل إن همَّ بزنا أو سرقة أو غيرهما قال: كيف أصنع إن فعلت، ثم سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - هل زنيت؟ فإن قلت: نعم، حدَّني، وإن قلت: لا، كذبت، وقد عاهدني على ترك (أ) الكذب، فترك الفواحش كلها لترك الكذب (١).

وبالجملة فموضع الكذب من القبح مقابل الصدق من الحسن.

قوله: "ولا يحقره" أي: يستصغر شأنه ويضع من قدره؛ ولأن الله عزَّ وجلَّ لم يحقره حين خلقه ورزقه وخاطبه وكلفه فاحتقار المخلوق مثله له تجاوز لحد الربوبية في الكبرياء، وهو حرب عظيم، وهذا وجه قوله عليه الصلاة والسلام: "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" أي: يكفيه من الشر في أخلاقه ومعاشه ومعاده.

ومعنى هذه الجملة أن من حق الإسلام وإخوته أن لا يظلم المسلم أخاه


(أ) في س بترك.
(١) أورده المبرد في الكامل ٢/ ٧٤٨ وقال الشيخ أحمد محمد شاكر في تحقيقه للكامل ٥٦٦: وهذا الحديث لم أجده في شيء من كتب الحديث.