للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قوله: "فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به" إلى آخره.

اختلف الناس في وجه هذا الكلام، والعلماء المعتد بقولهم على أنه مجاز وكناية عن نصرته وتأييده وإعانته حتى كأنه سبحانه وتعالى نزل نفسه من عبده منزلة الجوارح والآلات التي يدرك ويستعين بها، ولهذا يقول في رواية "فبي يسمع، وبي يبصر، وبي يبطش، وبي يمشي".

والاتحادية زعموا أن الكلام على حقيقته وأن الله عزَّ وجلَّ هو عين عبده، أو حال فيه كما أشرنا إليه من دليلهم في حديث جبريل - عليه السلام -.

وقوله: "وإن سألني أعطيته" يعني ما سأل "ولئن استعاذني لأعيذنه" يعني مما يخاف لأن التقدير أنه تقرب إلى الله عزَّ وجلَّ فأحبه، وهذه حال (أ) الحبيب مع المحب يعطيه ما سأل ويعيذه مما استعاذ.

وقوله: "حتى أحبه" بضم الهمزة وفتح الباء، ويبطش بفتح الياء وكسر الطاء، واستعاذني ضبط بالنون والباء ثاني الحروف، وكلاهما صحيح، يقال: استعذت زيدًا من كذا، واستعذت به من كذا.

وقوله: "مما افترضته عليه" أي: من أدائه كما صرح به في رواية.

وهذا الحديث يرجع إلى قوله عزَّ وجلَّ {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ} [يونس: ٦٢] وقوله عزَّ وجلَّ {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} [سورة الأنفال: ١٨] إذ هو شبيه بقوله: "ويده التي يبطش بها" وقوله: "فبي يسمع وبي يبطش (ب) ".


(أ) في م حالة.
(ب) في م يبصر.