ولجاء بقوم غيركم، فيذنبون، فيستغفرون فيغفر لهم" (١) وفي التنزيل {إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا}[سورة الزمر: ٥٥] وهذا الحديث على عمومه لأن الذنب إما شرك فيغفر بالاستغفار منه وهو الإيمان، أو دونه فيغفر بالاستغفار منه وهو سؤال المغفرة، وحقيقة لفظه اللهم اغفر لي، ويقوم مقامه استغفر الله؛ لأنه خبر في معنى الطلب.
قوله: "لو أتيتني بقراب الأرض خطايا" إلى آخره معناه أن الإيمان شرط في غفران الذنوب التي هي دون الشرك لأن الإيمان أصل يبنى عليه فبقول الطاعات غفران المعاصي.
أما مع الشرك فلا أصل يبنى عليه ذلك {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا}[الفرقان: ٢٣].
والترمذي يجوز فيه ضم التاء والميم، وفتحهما، وكسرهما.
واعلم أن الشيخ محيي الدين رحمه الله تعالى صدر الخطبة أنه يأتي بأربعين حديثًا، وقد أتى باثنين وأربعين فقد زاد خيرا، وكأنه أعجبه الحديثان الزائدان، وهما جديران بذلك، فناسب عنده إلحاقهما لأن أولهما: من باب الوعظ بمخالفة الهوى ومتابعة الشرع، وثانيهما: ترغيب في الدعاء والرجاء والاستغفار من الذنوب والإطماع في رحمة علام الغيوب، فكان ختم الكتاب به مناسبا.
فإن قيل: ما وجه تخصيص الأربعين دون سائر مقادير العدد حتى صنف
(١) رواه مسلم ٤/ ٢١٠٥ من حديث أبي أيوب الأنصاري بنحوه.