للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

قدر نصبك" (١) وقوله: "أفضل الأعمال أحمزها" (٢) أي: أشقها ونحوه.

ولله عزَّ وجلَّ أن يتفضل عليه بالأجر التامّ وإن لم يحفظ الحفظ التَّام، كما ثبت في صحيح مسلم أنه عليه الصَّلاة والسلام قال: "من سأل الله عزَّ وجلَّ الشهادة خالصًا من قلبه بلَّغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه" (٣)، ونحوه.

وهاهنا تنبيه وهو أن من حفظ على الأمة أربعين حديثًا فإنَّ كانت صِحاحًا أو حسانًا دخل في وعد الحديث المذكور، وإن كانت ضعيفة فإنَّ كانت في الترغيب وفضائل الأعمال دخل أيضًا لأن الضعيف يعمل به في ذلك، وإن كانت في الأحكام وبيان الحلال والحرام لم يدخل، لأنَّ الضعيف لا يعمل به في ذلك، فإنَّه لم يحفظ على الأمَّةِ ما ينفعهم.

قوله: "واتفق الحفَّاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه" قلت: هذا الحديث: "من حفظ على أمَّتي أربعين حديثًا" إلى آخره ذكره الشَّيخ أبو الفرج ابن الجوزي في "الموضوعات" أو في كتاب "العلل المتناهية" من رواية جماعة من الصّحابة (٤) بطرق كثيرة وضعف الجميع بالقدح في أسانيدها،


(١) رواه البُخاريّ ٢/ ٦٣٤ ومسلم ٢/ ٨٧٧ من حديث عائشة بنحوه.
(٢) أورده أبو عبيد في غريب الحديث ٤/ ٢٣٣ قال السخاوي في المقاصد الحسنة ص ٦٩ والسيوطي في الدرر المنتثرة ص ٥١: "لا يعرف". وذكراه بلفظ: "أفضل العبادات أحمزها". ومعنى أحمزها: أمتنها وأقواها وأشدها.
(٣) رواه مسلم ٣/ ١٥١٧ من حديث سهل بن حنيف.
(٤) رواه ابن الجوزي في العلل المتناهية في الأحاديث الواهية ١/ ١١١ - ١٢٢ من حديث عليّ وابن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وأبي سعيد وأبي هريرة وأبي أمامة وابن عباس وابن عمر وابن عمرو وجابر بن سمرة وأنس وبريدة، ولم يروه في الموضوعات.