وقد نبه الله تعالى على ذلك في آية الصدقة حيث قال:{إن تبدوا الصدقات فنعما هي وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم}. فكان ذلك أصلا في انتفاء كل ما يفعله الإنسان من التطوع مما ينفرد به دون الناس.
قال أصحابنا: ولأن في ذلك سلامة من الرياء والسمعة؛ فهو أفضل.
وقد روى ما ذكرناه عن جماعة من السلف.
وقال مالك: وليس كل الناس يقوى على ذلك؛ قد كان ابن هرمز ينصرف يقوم بأهله، وكان ربيعة وعدد واحد ينصرف ولا يقوم مع الناس. فأما المختار من القيام عندنا فهو ستة وثلاثون ركعة سوى الوتر.
قال مالك: بعث إلى في أن ينقص من ذلك فنهيت عن ذلك، ومنعت منه. وقد كان الناس يقومون بعشرين ركعة، والذي ذكرناه هو فعل أهل المدينة، وذلك أقوى عندنا من غيره، وسيما إذا لم يكن شيئا باجتهادهم.
وروى ابن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع قال: لم أر الناس إلا وهم يقومون تسعا وثلاثين ركعة، ويوترون منها بثلاث. فأما تطوع النبي صلى الله عليه وسلم وما ذكر عن عائشة رضوان الله عليها فقد ذكرناه فيما سلف بما يغنى عن إعادته. وبالله التوفيق.