وقوله صلى الله عليه وسلم:"أفي الله فرض عليكم الحج" فقام رجل فقال: أف كل عام يا رسول الله؟ فقال:"حج حجة الإسلام التي عليك".
وقوله صلى الله عليه وسلم:"من لم يمنعه من الحج حاجة ظاهرة أو مرض حابس أو سلطان جائز فليمت إن شاء يهوديًا أو إن شاء نصرانيًا".
فدلت هذه الأخبار كلها عن فرض الحج ولزومه.
وأما الإجماع: فمعلوم ضرورة من دين الأمة وجوب الحج في الجملة وإن اختلفوا في شروط وجوبه على ما سنذكره مفصلاً في بابه إن شاء الله. فإن قال معنت لأبى محمد - رحمه الله - ما معنى هذا التقييد وفائدة هذا الإحتراز الشديد بقولك: وحج بيت الله الحرام الذي بمكة؟ قيل له: لأن المساجد يطلق عليها أنها بيوت الله تعالى، وليس حجها واجبًا.
فإن قال بإطلاق قولنا بيت الله الحرام يكفى ما ذكره فما الفائدة في قوله الذي بمكة؟.
قيل له: الفائدة فيه التأكيد وزيادة البان، وذلك غير ممتنع ولا مستهجن، وقد قال الله تعالى:} ولكن تعمى القلوب التي في الصدور}،