فإن قيل: هذا [معارض] بما روى يونس عن الزهري عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمشي أما الجنائز وخلفها.
قلنا: هذا لا يعارض خبرنا؛ لأن خبرنا يفيد فضيلة المشي أمامها لمداومته عليه، وخبركم ليس يفيد أن المشي خلفها أفضل وإنما يفيد تساويهما، وهذا المعنى ساقط بالاتفاق؛ لأن أحدا لا يساوي بينهما وإذا كان ما يقتضيه الخبر متروكا لم تقع به معارضة.
فإن قيل: لفظة (كان) إنما تفيد الماضي دون المداومة والتكرار.
قلنا: في مثل هذا الموضع تفيد التكرار والمداومة بالعرف؛ لأن القائل إذا قال: كان فلان يتصدق ويصوم ويقرى الضيف.
لم يفهم منه أنه فعل ذلك مرة في عمره، بل فهم منه أنه يداوم على هذه الأفعال إلى أن مات، وإنما انقطع بموته.
ويدل على ما قلناه أيضا ما رواه محمد بن المنكدر عن ربيعة بن عبد الله بن الهدير أنه أخبره أنه رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه تقدم الناس أما زينب بنت جحش رضوان الله عليها.
فأما من جهة العبرة فقد ذكر فيه أشياء.
أحدها: أن حامل الجنازة لما كان أفضل من الماشي معها بدلالة أن لحاملها أجرين وللماشي أجر واحد، ثم كان الحامل لها من قدام أفضل من