وروى ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"الجنازة متبوعة وليست بتابعة".
قالوا: والمتبع للشيء هو التأخر عنه لا المتقدم أمامه.
وروى عن علي رضي الله عنه أنه كان يمشي خلفها. وكان أبو بكر وعمر رضوان الله عليهما يمشيان قدامها. فقيل له في ذلك فقال: إنهما ليعلمان أن المشي خلفها أفضل، ولكنهما سهلان يسهلان على الناس.
ولأن الجنازة إنما تتبع تعظيما للميت، والمشي خلفها أبلغ في التعظيم؛ فيجب أن يكون أولى وأفضل.
ولأن المشي معها للصلاة عليها فإذا كان الوقوف للصلاة عليها خلفها كان كذلك المشي معها. ولأن المشي خلفها أبلغ في الموعظة ولتتذكر من المشي أمامها؛ لأنه يراها فيتجدد له برؤيتها الخشوع والاتعاظ فكان أفضل.
فالجواب: أن ما رووه من حديث أبي سعيد قد قيل: لا أصل له، ومن أقرب ما يدل على ذلك أن الصحابة والأئمة رضي الله عنهم لو عملت صحته لم تكن لتخالفه وتعدل عنه، على أن خبرنا أولى؛ لأنه خبر عن مداومة فعله صلى الله عليه وسلم.
وقوله: الجنازة [متبوعة] وليست بتابعة.
لا دلالة فيه؛ لأنه ليس معنى اتباعه لها أن يكون خلفها؛ لأن المتبع قد يكون أما المتبع وخلفه على حسب العادة في ذلك.