للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَقَدْ رُوِيَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -، وَلَمْ يَذْكُرْ فيه وُلُوغَ الْهِرِّ (١)، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي التَّحْقِيقِ: وَالسَّوَّارُ قَالَ فِيهِ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ: لَيْسَ بِشَيْءٍ (٢)، قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ فِي الإِمَامِ: وَهَذَا وَهْمٌ فَاحِشٌ، فَإِنَّ سَوَّارًا هَذَا شَيْخُ التِّرْمِذِيِّ، هُوَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَوَّارِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ قُدَامَةَ مَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وأربعين ومائتين، روى عَنْهُ أَبُو دَاوُد، وَالنَّسَائِيُّ. وَخَلْقٌ، وَقَالَ النَّسَائِيّ: ثِقَةٌ، وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ، وَسَوَّارٌ الَّذِي جَرَحَهُ سُفْيَانُ، هُوَ سَوَّارُ بْنُ عَبْدِاللَّهِ بْنِ قُدَامَةَ مُتَقَدِّمُ الطَّبَقَةِ" (٣).

المتأمل لهذه الأمثلة الدَّارسُ لها يجد قيمة وأهمية علم المُتَّفِق والمُفْتَرِق، فإنَّ هؤلاء الحفاظ الأثبات قد وقعوا في الخلط بين الرُّواة مع حفظهم وإتقانهم، فكيف بالباحثين وطلاب العلم في هذا العصر؟ لاشك أنهم في أشد الحاجة لدراسة ومعرفة هذا الفن الجليل الذي أصبح في عصرنا هذا نسيًا منسيًا، وضربًا مما عفا عليه الزَّمان، فحقيق على الباحثين وطلبة العلم الاهتمام بعمل دراسات وبحوث في علم المُتَشابه من الرُّواة؛ فإنَّ أنواعه مُتَعَدِّدة ومُتَشَعِّبة، ولم يُصَنَّفْ في كثير من هذه الأنواع قديمًا وحديثًا، وإنمَّا ذكرها أهل العلم في مصنفاتهم للإشارة إليها جملة دون تفصيل.


(١) حديث صحيح: أخرجه عَبْدُ الرَّزَّاقِ الصَّنْعَانِيّ (ت: ٢١١) في المصنف (١/ ٩٧) بدون لفظة: "وُلُوغَ الْهِرِّ "، وأخرجه التِّرْمِذِيّ (ت: ٢٧٩) وَصَحَّحَه في السنن (١/ ١٥٠)، وَقد اخْتلف فِي رَفع الشطر الأخير منه، قال الدَارَقُطْنيُّ في العلل (٨/ ١١٧): "وَالصَّحِيحُ قَوْلُ مَنْ وَقَفَهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي الْهِرِّ خَاصَّةً". وقال ابن عبد الهادي (ت: ٧٤٤ هـ) في المحرر (١/ ٨٨): "الصَّوَاب وقفه".
(٢) ابن الجوزي: التَّحْقِيق فِي أَحَادِيث الْخلاف (١/ ٨١)، حديث رقم (٦٧).
(٣) الزَّيْلَعِيّ: نصب الرَّاية (١/ ١٣٥ - ١٣٦).

<<  <   >  >>