فقال له مسلمة بن عبد الملك: يا أمير المؤمنين! أَتْفِرغ قلبك إلى ما تفرغت له، وإنما نفضت يدك الآن من تراب قبر ابنك، ولم تصل إلى منزلك؟ فقال له عمر: يا مسلمة! إنما الجزع قبل المصيبة، فإذا وقعت المصيبة فالْهُ عما نزل بك (١) فالأخذ بهذه السيرة-أعني الاعتدال حال نزول الفتن- ينفع كثيراً، ويدفع الله به شراً مستطيراً؛ لأن الناس حال الفتن يموجون، ويضطربون، وربما غاب عنهم كثير من العلم؛ فلذلك يحتاجون-وخصوصاً من كان عالماً، أو رأساً مطاعاً- إلى لزوم السكينة، والاعتدال؛ حتى يُثَبِّتوا الناس، ويعيدو الطمأنينة إلى النفوس، ولا تقطعهم تلك النوازل عما هم بصدده من عمل.
(١) الجامع لسيرة عمر بن عبد العزيز لعمر بن محمد الخضر المعروف بالملاء، تحقيق د. محمد البورنو (٢ / ٢٣٦) .