للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولهذا تتابعت نصائح الحكماء على التريث خصوصاً عند إرادة الإقدام على الأمور العظيمة المهمة، قال المتنبي:

الرأي قبل شجاعة الشجعانِ ... هو أول وهي المحل الثاني

فإذا هما اجتمعا لنفس مِرَّةٍ ... بلغت من العلياء كل مكانِ

(١) .

وقال:

وكل شجاعة في المرء تغني ... ولا مثل الشجاعة في الحكيم

(٢) .

وبالجملة فالشجاع ليس بالمتهور الطائش الذي لا يخاف مما ينبغي أن يخاف منه، ولا هو بالجبان الرعديد الذي يَفْرَقُ من ظله، ويخاف مما لا يخاف منه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله -: " والشجاعة ليست هي قوةَ البدن؛ فقد يكون الرجل قوي البدن ضعيف القلب، وإنما هي قوة القلب وثباته، فإن القتالَ مدارُه على قوة البدن، وصنعته للقتال، وعلى قوة القلب، وخبرته به. والمحمود منهما ما كان بعلم ومعرفة، دون التهور الذي لا يفكر صاحبه ولا يميز بين المحمود والمذموم؛ ولهذا كان القوي الشديد هو الذي يملك نفسه عند الغضب حتى يفعل ما يصلح دون ما لا يصلح.

فأما المغلوب حين غضبه فليس هو بشجاع ولا شديد " (٣)


(١) ديوان المتنبي بشرح العكبري ٤ / ١٧٤.
(٢) ديوان المتنبي ٤ / ١٢٠
(٣) الاستقامة ٢ / ٢٧٠-٢٧١

<<  <   >  >>