للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فقالت الوعيدية: إن الإسلام هو الإيمان والعكس صحيح (١) .

وقيل: الإسلام هو الكلمة أي كلمة التوحيد بالشهادتين. والإيمان هو العمل.

وهذان القولان لهما وجه صحيح يتضح عند التحقيق في معناهما.

وذهب الأشاعرة إلى أن الإيمان خصلة من خصال الإسلام، بأن كل إيمان إسلام وليس كل إسلام إيمانا (٢) .

وهذا القول فيه حق وباطل يتضح إن شاء الله.

والقول الصواب الذي عليه أهل التحقيق القول بالتفصيل، وهو إجمالاً: الإسلام والإيمان إذا اجتمعا افترقا. وإذا افترقا اجتمعا.

ومعناه:

* أن الإسلام والإيمان إذا اجتمعا في نص واحد من كتاب أو سنة فإن لكل واحد منهما معنىّ يختص به.

فالإسلام: الأعمال الظاهرة ومنها الشهادتان والصلاة..

والإيمان: الأعمال الباطنة من الاعتقادات كالتوكل والخوف والمحبة والرغبة والرهبة... وغيرها.

وقد دل على هذا دلائل كثيرة منها اكتفاءً واختصاراً:

قوله تعالي في سورة الحجرات: {قَالَتِ الأَعْرَابُءَامَنَّا قُل لَّمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِن قَولَوا أَسْلَمْنَا وَلَمَّا يَدْخُلِ الإِيمَانُ فِىقُلُوبِكُمْ} [الحجرات:١٤] فاجتمعا في نص واحد، ونفى عنهم الإيمان، وأثبت لهم الإسلام؛ فدل على افتراقهما أنهم مسلمون لكن لم يبلغوا أن يكونوا مؤمنين.

-وحديث جبريل عليه السلام المشهور وفيه ذَكَر الإسلامَ: بالأركان الخمسة، والإيمان: بالأصول الستة.

فإنهما اجتمعا في نص واحد، أجاب النبي صلى الله عليه وسلم لكلٍ بمعنى غير الآخر؛ فدل على افتراقهما.


(١) كما في الإيمان الكبير (٢٢٩،١٣٤٦) ، وجامع العلوم لابن رجب (٢٦) وما بعدها وهو لازم قولهم في مسمى الإيمان عند التأمل! وهو لازم قول الكرامية والمرجئة المحضة..!
(٢) وهو قول أبي بكر الباقلاني نقله عنه بلفظه شيخ الإسلام في الإيمان الكبير (١٤٧) وما بعدها وقال قبله: ((فصل: قال الذين نصروا مذهب جهم في الإيمان من المتأخرين كالقاضي أبي بكر وهذا لفظه..)) اهـ، فذكره.

<<  <   >  >>