للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولقد جاء استثناء من استثنوا في الآية في مدلول يجسد شدة الأمر، ويلاحق كل المعاذير التي لا تجد لها من الحقيقة ما يشد صلبها، فالاستثناء ليس إلا لطائفة من الناس وهم المستضعفون الذين لا يقدرون على التخلص من أيدي المشركين؛ ولو قدروا ما عرفوا يسلكون الطريق، والتعبير بـ" حيلة " في {لَا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً} يدل على العجز عن أنواع أسباب التخلص جميعها، والمجيء كذلك بـ" الولدان " في طائفة أهل الأعذار من المستضعفين من الرجال والنساء مع عدم التكليف لهم إنما هو لقصد التشديد البالغ في أمر الهجرة، وبيان أنها تجب لو استطاعها غير المكلف (١) ، وبهذا فالاستثناء يأتي في الآية في مدلول يدل على شدة أمر الهجرة في تلك الحالة التي ذكرتها الآية.

ولقد ذكر الله - سبحانه وتعالى - فائدة الهجرة وأنها نقلة للفرد المسلم والجماعة المؤمنة تؤدي إلى التخلص من إذلال المشركين إلى الاعتزاز عليهم وسعة الرزق وإقامة الدين. قال - تعالى -: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} الآية (٢) .


(١) انظر: فتح القدير (١ / ٥٠٥) .
(٢) النساء: ٩٩.

<<  <   >  >>