ومما ورد في السنة مما يشهد بأن إقامة الدين ليست سببًا في حصول التمكين في الحكم والسلطة والنصر فحسب بل يتعدى بحصولها التمكين حتى يصل إلى التمكين من معايش الأرض بكثرة بركتها وسلامتها من الآفات والكوارث والمكدرات والمنغصات؛ وفي حديث أبي أمامة رضي الله عنه في نزول عيسى ابن مريم وإقامة دين الله في الأرض أكبر شاهد على ذلك. قال رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( ... «فيكون عيسى ابن مريم - عليه السلام - في أمتي حكمًا عدلًا، وإمامًا مقسطًا، يدق الصليب، ويذبح الخنزير ويضع الجزية، ويترك الصدقة، فلا يُسعى على شاة ولا بعير وترفع الشحناء والتباغض، وتنزع حمة كل ذات حمة، حتى يُدخل الوليد يده في الحية فلا تضره، وتُفِرُ الوليدةُ الأسد فلا يضرها، ويكون الذئب في الغنم كأنه كلبها، وتُملأ الأرض من السِّلم كما يملأ الإناء من الماء، وتكون الكلمة واحدة فلا يعبد إلا الله، وتضع الحرب أوزارها وتكون الأرض كفاثور الفضة تنبت نباتها بعهد آدم، حتى يجتمع النفر على القطف من العنب فيشبعهم، ويجتمع النفر على الرمانة فتشبعهم» (١) .
(١) سنن ابن ماجه في الفتن (٢ / ١٣٦٠ ـ ١٣٦٢) رقم الحديث ٤٠٧٧