للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن هنا نعلم مدى الحكمة عند الصحابة وعظيم الحرص على الثبات على الحال التي فارقهم عليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى في بناياتهم ومقتنياتهم وحالتهم المادية - عند كثير منهم - فكيف بحرصهم على البقاء على الدين والمعتقد والإيمان والمنهج وهو سبيل النصر العظيم في الدنيا، وسبيل النجاة في الآخرة. ولقد قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - في هذا المعنى كلاما لا أظن أن كلاما - بعد كلام الله ورسوله - أنفس منه ولا أجمل إذ قال: ( ... ولهذا كل من كان متبعًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم كان الله معه بحسب هذا الاتباع، قال الله - تعالى -: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} (١) أي حسبك وحسب من اتبعك، فكل من اتبع الرسول صلى الله عليه وسلم من جميع المؤمنين فالله حسبه، وهذا معنى كون الله معه، والكفاية المطلقة مع الاتباع المطلق، والناقصة مع الناقص، وإذا كان بعض المؤمنين به المتبعين له قد حصل له من يعاديه على ذلك فالله حسبه، وهو معه، وله نصيب من قوله - تعالى -: {إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا} (٢) فإن هذا قلبه


(١) الأنفال (٦٤)
(٢) التوبة (٤٠)

<<  <   >  >>