للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال - تعالى -: {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ} (١) ، ومفاد الآية هنا قاعدة ثابتة مضمونة ممن خلق الخلق وهو أعلم بهم بأن طائفة المؤمنين تغلب ضعفها إذا كانت صابرة وأن لا عذر لهم في الانحياز عنهم إذا كان الأعداء ضعف عدد أهل الإيمان بل عليهم لقاءهم والصبر على جلادهم، والغلبة مضمونة لهم (٢) .

وقد أشكل على بعض الناس أنه وجد أن طائفة من المؤمنين قد لا تثبت لضعفها من الكافرين، بل وجد أن الكافرين هزموا المؤمنين في عدة حروب وهم على السواء من العدد مثلًا بمثل، فيكف ذلك والآية تنص على أن المؤمنين يغلبون ضعف عددهم، وأجيب بأنه لا إشكال في ذلك ولا معارضة فيه للآية، إذ لا بد أن تكون هذه الطائفة المؤمنة المنهزمة أو المغلوبة غير متصفة بصفة الصبر (٣) ، وإلا فلو اتصفت بها مع الإيمان لاستحال انتصار طائفة الكفر عليها سواءً كانت مثلها أو ضعف عدد طائفة الإيمان.


(١) الأنفال: ٦٦.
(٢) أي إذا كان الكافرون ضعف عدد المؤمنين لم يسغ للمؤمنين الفرار ولا التحيز عنهم وإن فعلوا فقد أثموا ووقعوا في سخط الله، أما إذا كان العدد أكثر من الضعف فالانحياز سائغ والقتال غير واجب، هذا قول ابن عباس. راجع تفسير ابن كثير (٢ / ٣٣٧) .
(٣) راجع فتح القدير للشوكاني (٢ / ٣٢٤) .

<<  <   >  >>