تنبيه: وما ذكرناه هنا: مِنْ أنَّ إقامةَ الحُدُودِ من اختصاصِ الحَاكمِ ليس على إطلاقِه؛ بل هذا في حَالةِ ما إذا كان الحَاكمُ قائماً بذلك، أمَّا إذا قَصَّرَ الحاكمُ في إقامةِ الحُدُودِ فإنَّه يَجُوزُ للجماعةِ المُحْتَسِبةِ مِنْ آحادِ الرَّعيةِ أن تقومَ بذلك بعد النَّظرِ في قاعِدةِ " المصالح والمفاسد" لأنَّ "الأمرَ بالمعروف والنَّهيَ عن المُنكر" واجبٌ على الأمَّةِ، ويَنُوبُ عنها الحاكمُ في ذلك، فإن قَصَّرَ الحاكمُ رجعَ الأمرُ للأمَّةِ، وهذا ما قرَّرَه شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ بقولِه:" وكذلك الأميرُ إذا كان مُضَيِّعاً للحُدُودِ، أو عاجزاً عنها، لم يَجِبْ تفويضُها إليه مع إمكانِ إقامتِها بِدُونِه، والأصْلُ أنَّ هذه الواجباتِ تُقَامُ على أحسنِ الوُجُوه، فمتى أمكن إقامتُها من أميرٍ لم يحتجْ إلى اثنين، ومتى لم تُقَمْ إلاَّ بعددٍ ومن غيرِ سُلطانٍ أُقيمت إن لم يكن في إقامتِها فسادٌ يزيدُ على إضاعتِها، فإنَّها من بابِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكر ... ". (١) وهذا الإمامُ الشَّوكاني - رحمه الله - يُقرِّرُ ما نحنُ بصددِه، وذلك عند تعليقِه على صاحبِ "حدائق الأزهار" عند قولِه: " وتجبُ إقامتُها
(١) ـ انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٣٤ / ١٧٦) .