أمَّا قولُهم: إنَّ في إنكارِ آحادِ الرَّعيَّةِ افتئاتاً على الحاكمِ، فردُّه كما يلي:
قلتُ: لا بدَّ أن نُفرِّقَ بين تغييرِ المنكر، وإقامةِ الحُدُود، فمن فرَّقَ بينهما تبيَّنَ وظهرَ له جَليَّةُ الأمرِ على الحقيقةِ. فهذا الغَزالي - رحمه الله - يُبيِّنُ لنا الفرقَ بينهما بقوله:" ليس لآحادِ الرَّعيَّةِ إلاَّ الدَّفعُ، وهو إعدامُ المُنكرِ فما زادَ على قَدْرِ الإعدامِ، فهو إمَّا عقوبةٌ على جريمةٍ سابقةٍ، أو زَجْرٌ عن لاحِقٍ، وذلك إلى الوُلاةِ لا إلى الرَّعيَّةِ". (١)
ومن خلالِ هذا؛ نفهم أنَّ هنالك فرقاً واضحاً بين إزالةِ المنكرِ أياً كان، وبين إقامةِ الحُدُودِ؛ لذا كانت عمليةُ التَّغييرِ هي مجرَّدُ إزالةٍ للمنكرِ، أو دَفْعٍ له، وهذه يقومُ بها الحاكمُ وغيرُه، وهذا بيِّنٌ واضحٌ كما أوضحناه آنفاً من خلالِ الأدلَّةِ الشَّرعية، وأقوالِ أهلِ العلمِ، والله المُوفِّقُ والهادي إلى سواءِ السَّبيل.