والجَوْرَ؛ حتى أدَّى ذلك إلى تَغَلُّبِ الفُجَّارِ؛ بل المجوسِ وأعداءِ الإسلامِ حتى ذهبتِ الثُّغُورِ، وشاعَ الظُّلمُ، وخُرِّبتِ البِلادُ، وذهبَ الدِّينُ والدُّنيا، وظهرتِ الزَّندقةُ والغُلُوُّ، ومذاهبُ الثَّنويةِ والخُرَّميَّةِ والمزْدَكيَّةِ، والذي جَلَبَ ذلك عليه: تَرْكُ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المُنْكَرِ، والإنكارِ على السُّلطانِ الجائرِ". (١)
ومن خلالِ هذا؛ كانت حقيقةُ الفوضى والفِتَنِ المزعومةِ مُتحَقِّقةً في تركِ تغييرِ المُنْكَرِ ليس إلاَّ؛ فعندها كان تركُ "الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ" أصْلَ كُلِّ فِتْنةٍ وفوضى، ولا بُدَّ. وذلك ماثلٌ في زماننا؛ فُخُذْ مثلاً: انتشارُ المسَارحِ الغنائيةِ والملاهي المُحرَّمةِ (باسم السِّياحة!) ، واختلاطُ الرِّجالِ بالنساءِ (باسم المُسَاواة!) ، وظُهُورُ الزِّنا (باسم الحُرِّيَّةِ الشَّخصيَّة!) ، وانتحالُ الكفرِ والرِّدَّةِ (باسم حرِّيَّةِ الفِكْر!) ، والاستهزاءُ بأحكامِ الإسلامِ وأهلِه (باسم الفُكاهةِ والمِزَاح!) ... الخ، كُلُّ هذا يوم تركنا الإنكارَ باليدِ (باسم السُّلطانِ وأهلِ الحسبة!) .
(١) ـ انظر «أحكام القرآن» لأبي بكر الجصاص (٢ / ٣٤) .