للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لمن أمكنه، ولا يجزئ عن اليدِّ اللِّسانُ مع إمكانِ اليدِّ". (١) وهناك الكثيرُ من صَنيعِ الصحابةِ ـ رضي الله عنهم ـ ممَّا فيه دلالةٌ واضحةٌ على الإنكارِ باليدِّ على الأراء وغيرهم مع مراعاة جلب المصلحة ودفع المفسدة.

فعلُ التَّابعين: عن إبراهيم قال: " كان أصحابُ عبدِ الله يستقبلون الجواري معهنَّ الدُّفوف في الطُّرقِ فيخرقونها". (٢) وعن أبي حصين أنَّ رجلاً كسر طُنْبوراً لرجلٍ، فخاصمه إلى شُريحٍ فلم يُضَمِّنْه شيئاً، (٣) وعدم تضمين القاضي شريحٍ لهذا الرجلِ يدلُّ على أنَّه يجوزُ له كسرُ هذا الطنبور.

أقوالُ العلماء:

من الحنفية: قال أبو بكر الجصاص - رحمه الله -: " الأمرُ بالمعروفِ والنهي عن المُنكرِ لهما حالان: حالٌ يمكن فيها تغييرُ المنكر وإزالته، ففرضٌ على من أمكنه إزالةُ ذلك بيدِه أن يُزِيلَه ... ". (٤)

ومن المالكيَّة: قال أبو بكرٍ الطُّرطُوشي: " فانظروا يرحمكم الله أينما وجدتم سِدرةً أو شجرةً يقصدُها الناس ويُعظِّمُون من شأنِها، ويرجون البُرءَ والشِّفاءَ من قِبلها، وينوطون بها المسامير والخِرقَ فهي ذاتُ أنواطٍ فاقطعوها". (٥)

ومن الشافعية:


(١) ـ انظر «شرح مسلم» للنووي (٦ / ١٧٨) .
(٢) ـ أخرجه ابن جرير في «تهذيب الآثار» (٤ / ٢٤٠) .
(٣) ـ أخرجه البخاري تعليقا (٥ / ١٤٥) ووصله ابن أبي شيبة (٧ / ٣١٢) ، وأخرجه ابن جرير في «تهذيب الآثار» (٤ / ٢٤١) . وإسناده صحيح.
(٤) ـ انظر «أحكام القرآن» للجصاص (٢ / ٣١) .
(٥) ـ انظر «الحوادث والبدع» للطرطوشي ص (١٠٥) .

<<  <   >  >>