ودونك أخي المسلم هذا الكلامَ الرَّبَّاني الذي كان لِزاماً على كلِّ طالبِ علمٍ أن يَقِفَ معه بتدبُّرٍ وتأمُّلٍ، وهو من كنوزِ الحِكَمِ للإمامِ الهُمامِ ابنِ القيم - رحمه الله - إذ يصفُ لنا حالَ أكثرِ المسلمين بقولِه: " وقد غرَّ إبليسُ أكْثَرَ الخلْقِ بأنْ حَسَّنَ لهم القِيامَ بِنَوْعٍ من الذِّكرِ، والقراءةِ، والصَّلاةِ، والصِّيامِ، والزُّهدِ في الدُّنيا والانقطاعِ، وعَطَّلُوا هذه العُبُودِيَّاتِ، فلم يُحَدِّثُوا قلوبَهم بالقيامِ بها، وهؤلاء عند ورثةِ الأنبياءِ من أقَلِّ الناسِ دِيناً؛ فإنَّ الدِّينَ هو القيامُ لله بما أمرَ به؛ فتاركُ حُقُوقِ الله التي تَجِبُ عليه أسْوأ حَالاً عند اللهِ ورسولِه مِنْ مُرْتكبِ المَعاصي؛ فإنَّ تَرْكَ الأمرِ أعظمُ من ارتِكَابِ النَّهي من أكثرِ مِنْ ثلاثين وجْهاً ذكرها شيخُنا رحمه الله (أي: ابن تيمية) في بعض تصانيفه. ومَنْ له خِبْرةٌ بما بَعَثَ الله به رسولَه صلى الله عليه وسلم، وبما كان عليه هو وأصحابُه؛ رأى أنَّ أكْثَرَ مَنْ يُشَارُ إليهم بالدِّينِ هم أقَلُّ الناس ديناً، والله المستعان.