وأيُّ دِينٍ، وأيُّ خَيْرٍ فِيمن يرى: مَحَارمَ الله تُنْتَهك، وحُدُودَه تُضَاعُ، ودِينَه يُتْرك، وسُنَّةَ رسولِه صلى الله عليه وسلم يُرْغبُ عنها؛ وهو بارِدُ القَلْبِ، سَاكِتُ اللِّسانِ، شَيْطانٌ أخْرسٌ؛ كما أنَّ المُتَكلِّمَ بالباطلِ شيطانٌ ناطقٌ؟ ا.
وهل بَلِيَّةُ الدِّينِ إلاَّ مِنْ هؤلاءِ الذين إذا سَلِمتْ لهم مآكلُهم ورياساتُهم؛ فلا مُبَالاةٍ بما جرى على الدِّينِ؟ ا.
وخِيارُهم المُتَحَزِّنُ المُتَلَمِّظُ، ولو نُوزِعَ في بعضِ ما فيه غَضَاضةٌ عليه في جاهِهِ أو مالِه؛ بَذَلَ وتَبَذَّل، وجَدَّ واجْتَهد، واستعملَ مَرَاتبَ الإنكارِ الثلاثةِ حسب وُسْعِه.
وهؤلاء - مع سُقُوطِهم من عينِ الله ومقتِ الله لهم - قد بُلُوا في الدُّنيا بأعْظَمِ بَلِيَّةٍ تكون وهم لا يَشْعرون، وهو مَوْتُ القُلُوبِ؛ فإنَّ القلبَ كلَّما كانت حياتُه أتَمَّ؛ كان غَضَبُه لله ورسولِه أقوى، وانْتِصَارُه للدِّينِ أكمل" (١) .
(١) ـ انظر «إعلام الموقعين» لابن القيم (٢ / ١٧٦-١٧٧) .