والذين يُؤْثِرُون السَّلامَةَ في أديانِهم - فيما زعموا - وفي أبدانِهم، ويَتْرُكُون الأمرَ والنَّهيَ الواجبَ عليهم - مع القُدْرةِ عليه - لهذا السبب: هم كالمُسْتجيرِ مِنَ الرَّمْضاءِ بالنَّارِ؛ (١) إذْ صُورَةُ حَالِهم أنَّهم يَهْرُبُون من ضَرَرٍ مُتَوقَّعٍ إلى ضَررٍ واقعٍ؛ كما قال الله تعالى عن المنافقين:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِالْكَافِرِينَ}[التوبة٤٩] .
وفي هذا يقول شيخ الإسلامِ ابنُ تيمية: " ولَمَّا كان في الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المُنكرِ، والجهادِ في سبيلِ الله مِنَ الابتلاءِ والمِحَنِ ما يَتَعرَّضُ به المَرْءُ للفِتْنةِ؛ صَارَ في النَّاسِ مَنْ يَتَعلَّلُ لتركِ ما وجب عليه من ذلك بأنْ يَطْلُبَ السَّلامةَ من الفتنةِ؛ كما قال تعالى عن المنافقين:{وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ائْذَنْ لِي وَلَا تَفْتِنِّي أَلَا فِي الْفِتْنَةِ سَقَطُوا}[التوبة٤٩] .