قلتُ: لاشكَّ أنَّ الإنكارَ ما هو إلاَّ وسيلةٌ شرعيَّةٌ، فإذا عُلِمَ هذا كان له حُكمُ المقاصِدِ؛ لأجلِ هذا كان من الخطأ البيِّنِ أن نُصْدِرَ حُكماً عاماً مُطَّرِداً: بأنَّ الأصلَ في الإنكارِ السِّرُّ أو العلانيةُ!، لذا كان من تحقيقِ المقاصدِ الشَّرعيةِ أن تُناطَ المسألةُ بذاتِ المُنكرِ القائمِ سراً أو علانيةً، فإذا كان المُنكرُ سِراً كان الإنكارُ سِراً، وما كان علانيةً كان الإنكارُ علانيةً، وعند هذا يكون الأصلُ حينئذٍ في الإنكارِ بحسبِه سِراً أو علانيةً.
لذا؛ فإنَّ المُنكراتِ التي يُتَعرَّضُ لها بالإنكارِ هي المُنكراتُ الظَّاهرةُ المُعْلَنةُ، أمَّا المُنكراتُ الباطنةُ فإنَّ أمْرَها مَوْكُولٌ إلى صاحبِها، وإذا ظَهَرتِ المُنكراتُ التي أنكرتْها الشَّريعةُ وَجَبَ إنكارُها بقطعِ النَّظرِ عن سَرِيرَةِ صاحبِها أو نِيَّتِه فيها، فعند ذلك لا يجوزُ إعلانُ البدعِ والمنكراتِ، أو ما هو مُخالفٌ للشرع؛ فإذا أُعْلِنت وجبَ إنكارُها علانيةً، وعُقُوبةُ مُعْلِنها علانيةً أيَّاً كان، كلُّ هذا حفاظاً على شرائعِ الإسلامِ، وهذا ما عليه أهل العلم كافَّةً.