لذا كان من الخطأ البيَّنِ أن نخلِطَ بين هذه المفاهيمِ الشَّرعيَّةِ في تحقيقِ شعيرةِ "الأمرِ بالمعروفِ والنَّهي عن المُنكر"!. ولقائلٍ يقول: إنَّ الأصلَ في المسلمين سِتْرُ عُيُوبِهم!، قلتُ: لا شكَّ في ذلك، وهذا ليس على عمومِه بل يُستثنى منه من كان مُجاهراً بفسقِه، مُعْلِناً بمعاصيه، فهذا ليس له من السِّترِ شيءٌ؛ بل يجبُ الإنكارُ عليه، سِراً أو علانيةً، قوَّةً أو ضعفاً؛ حتى يعُودَ إلى قافلةِ التَّائبين، مُتدثِّراً بجلبابِ الحياءِ بين المسلمين، مُتزَمِّلاً باحترامِ شعائرِ الدِّين.
وحاصلُ ما هنالك: أنَّ المُنكرَ إذا كان مَسْتوراً فمصيبتُه على صاحبِه خاصةً، فإذا أظْهرَه صاحبُه كان ضرَرُه عاماً، فمن ابْتُليَ بفعلِ المعاصي سِراً فَعَلِمَ شخصٌ مِنَ أمْرِه ما عَلِمَ، فنصحَه سِراً وسَترَ عليه فلم يَنْتهِ، وَجَبَ على النَّاهي أن يفعلَ ما يَنْكَفُّ به المنكرُ من الهجرِ، أو غيره إذا كان ذلك أنفعُ في الدِّين، أمَّا إذا أظْهَرَ المُنْكَرَ فإنَّه يَجِبُ الإنكارُ عليه علانيةً. (١)
(١) ـ انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٨ / ١٠٥،٢١٧-٢١٨) ، (٢٣ / ١٧٥) .