للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله صلى الله عليه وسلم: "من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم" (١) فإنه يجب الجمع بينه وبين حديث آخر رواه مسلم وهو:

"من أتى عرافاً فسألة عن شئ فصدقه لم تقبل له صلاة أربعين يوماً" (٢) .

فهذا يعني عدم قبول ثواب الصلاة لمدة معينة، وهو لا يجوز قوله لغير المسلم، فصح أنه لم يكفر بذلك، أما إن اعتقد أن هذا الكاهن يعلم الغيب حقيقة، ويشارك في علم الله تعالى فيكون كفره كفراً أكبر.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع إليهم" (٣) .

فيجمع مع قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أبق العبد لم تقبل له صلاة" (٤) .

وعدم القبول لا يشترط منه عدم الصحة، ولذلك يقول الإمام أبو عمرو بن الصلاح:

"فصلاة الآبق صحيحة غير مقبولة، فعدم قبولها لهذا الحديث، وذلك لاقترانها بمعصية، وأما صحتها فلوجود شروطها وأركانها المستلزمة صحتها، ولا تناقض في ذلك، ويظهر أثر عدم القبول في سقوط الثواب، وأثر الصحة في سقوط القضاء، وفي أنه لا يعاقب عقوبة تارك الصلاة" (٥) .

فقد قاسها بذلك على الصلاة في الدار المغصوبة، فهي صحيحة لا ثواب فيها، وقد حملها الإمام المازرى والقاضي عياض على المستحل للإباق فيكفر ولا تقبل صلاته.


(١) رواه الأربعة والحاكم.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه مسلم.
(٤) رواه مسلم.
(٥) عن شرح النووي لمسلم جـ ٢ ص ٥٨.

<<  <   >  >>