للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد ذهب بعض السلف والأئمة إلى اعتبار لفظ الكفر في الأحاديث بمعنى الكفر الأصغر مطلقاً وذلك بعد الاستقراء التام للشريعة، وكذلك جواز وروده بهذا المعنى، ولا فارق في النتيجة بين ذلك وبين القاعدة التي قررناها أولاً من افتراض اللفظ على ظاهره إلى أن تثبت قرينة. وإنما الخلاف في المسلك، وبالاستقراء وجد أن كل ما ورد في السُّنَّة هو من هذا القبيل بالفعل، فلا خلاف إذن، وذلك من جنس قول ابن عباس في العموم أنه "لا عام في القرآن إلا وخصص"، فأخذه بعض الفقهاء والأصوليين مطلقاً واعتبروا دلالة العام أصلاً ظنية لوقوع تخصيصها قطعاً، ومنهم من تركها على عمومها حتى يثبت التخصيص بدليل. ولا فرق في النتيجة إن شاء الله تعالى.

وقد قال صاحب "فتح المجيد" أنه يصار إلى التوقف في دلالة الكفر هنا، فلا يقال كفراً أصغر أو أكبر مبالغة في الوعيد، قال:

"وهل الكفر في هذا الموضع كفر دون كفر فلا ينقل عن الملة؟ أم يتوقف فيه فلا يقال يخرج من الملة ولا يخرج؟ وهذا أشهر الروايتين عن أحمد رحمه الله تعالى" (١) .

وقد دأب كثير من السلف على التوقف عن الحكم بأن هذا كفراً مخرج من الملة أم لا، حتى لا تفقد هذه النصوص خطورتها الواجبة لها، كما روى ذلك عن سفيان بن عيينة، يقول صاحب "فتح المجيد" عند شرح حديث" "ثلاثة لا يدخلون الجنة: مدمن الخمر، ومصدق بالسحر، وقاطع الرحم":


(١) "فتح المجيد" ص ٢٩٦.

<<  <   >  >>