للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

"هذا من نصوص الوعيد التي كره السلف تأويلها، وقالوا أمروها كما جاءت ومن تأولها فهو على خطر من القول على الله بلا علم. وأحسن ما يقال أن كل عمل دون الشرك والكفر المخرج من ملة الإسلام فإنه يرجع إلى المشيئة فإن عذبه فقد استوجب العذاب، وإن غفر له فبفضله ورحمته" (١) ، وذكر النووي في شرحه لمسلم: "وذهب الزهري إلى أن هذا الحديث وما أشبهه يؤمن بها ويمر على ما جاءت، ولا يخاض في معناها، وإنا لا نعلم معناها، وقال أمروها كما أمرها من قبلكم.. إلى قوله: والصحيح في معنى الحديث ما قدمناه أولا. " (٢) .

- وأما عن الأحاديث التي ورد فيها نفي الإيمان أو "ليس منا" أو ما شابه ذلك. فهي خاضعة للقواعد المقررة من قبل، من زيادة الإيمان ونقصه، ومن تقسيم المعاصي إلى شرك وما دون الشرك مما هو صغيرة وكبيرة.

فقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه" (٣) .

محمول على أنه لا يصبح مؤمناً مكتمل الإيمان لتركه خصلة منه، كما هو معلوم من أن مجرد محبة الأذى أو إرادته للمسلم ليس شركاً، بل هو معصية تنقص من الإيمان الواجب له.

وقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن" (٤) .

فقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إقامة حد السرقة كالقطع، وحد الزنى، كالجلد، كما هو في القرآن الكريم، فعلم قطعاً أن ذلك ليس شركاً لما هو معلوم من أن عقوبة الردة القتل.


(١) "فتح المجيد" ص ٢٩٦.
(٢) مسلم بشرح النووي جـ ٢ ص ٤٢.
(٣) رواه مسلم، راجع شرح النووي جـ ٢ ص ١٦.
(٤) رواه مسلم.

<<  <   >  >>