للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فكان نفي الإيمان هنا بمعنى نفي كماله، قال النووي في شرحه على الحديث: "فالقول الصحيح الذي قاله المحققون أن معناه: لا يفعل هذه المعاصي وهو كامل الإيمان، وهذا من الألفاظ التي تطلق على نفي الشئ ويراد نفي كماله ومختاره، كما يقال: لا علم إلا ما نفع، ولا مال إلا الإبل، ولا عيش إلا عيش الآخرة. وإنما تأولناه على ما ذكرناه لحديث أبي ذر وغيره: "من قال لا إله إلا الله دخل الجنة وإن زنى وإن سرق"، وحديث عبادة بن الصامت الصحيح المشهور أنهم بايعوه صلى الله عليه وسلم على أن لا يسرقوا ولا يزنوا، ولا يعصوا، إلى آخره.. إلى قوله.

فهذا الحديثان مع نظائرهما في الصحيح مع قول الله عز وجل: (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) ، مع إجماع أهل الحق على أن الزاني والسارق والقاتل وغيرهم من أصحاب الكبائر غير الشرك، لا يكفرون بذلك بل هم مؤمنون ناقصوا الإيمان" (١) .

- وأما عن الأحاديث كقوله صلى الله عليه وسلم: "من غشنا فليس منا" (٢) .

أو قوله صلى الله عليه وسلم: "ليس منا من ضرب الخدود أو شق الجيوب أو دعا بدعوى الجاهلية" (٣) .

أو قوله صلى الله عليه وسلم: "من حمل علينا السلاح فليس منا" (٤) .

فكلها - كما سبق أن قررنا - محمولة على أنها في المستحل إن أخذناها على أنها تعني الكفر أو أنها تعني ليس على هدينا أو سيرتنا، وعلى ذلك كثير من أهل العلم، وقد نقلنا أن من السلف من كره هذا القول، وقد قال ابن عيينة فيه: بئس هذا القول - أي صرف الحديث عن ظاهره - ليكون أبلغ في الزجر.

خاتمة

وبعد:

فإن الأمر سهل ميسور، لمن يسره الله له.


(١) راجع "مسلم بشرح النووي" جـ ٢ ص ٤١.
(٢) رواه مسلم.
(٣) رواه مسلم.
(٤) رواه مسلم.

<<  <   >  >>