يقول ابن كثير:(لما وقع قتل عثمان - رضي الله عنه - بعد أيام التشريق وكان أزواج النبي - صلى الله عليه وسلم - أمهات المؤمنين قد خرجن للحج في هذا العام فرارا من الفتنة وفرّ أصحابة من بني أمية وغيرهم إلى مكة , واستأذن طلحة والزبير علياً في الاعتمار فأذن لهما فخرجا إلى مكة وتبعهم خلق كثير وجم غفير وقدم إلى مكة يعلى بن أمية من اليمن ومعه ستمائة بعير وستمائة درهم. وقدم أيضاً عبد الله بن عامر من البصرة فاجتمع فيها خلق من سادات الصحابة وأمهات المؤمنين فقامت عائشة - رضي الله عنه - تخطبهم وتحثهم على القيام بطلب دم عثمان وجهز الناس يعلى بن أمية , وكانت حفصة أم المؤمنين قد وافقت عائشة على المسير إلى البصرة فمنعها أخوها عبد الله من ذلك وسار الناس في صحبة عائشة في ثلاثة آلاف وأم المؤمنين تحمل في هودج على جمل اسمه عسكر اشتراه يعلى بن أمية بمائتي دينار. وسار معها أمهات المؤمنين إلى ذات عرق ففارقنها هنالك وبكين للوداع وتباكى الناس وكان ذلك اليوم يسمى بيوم النحيب وسار الناس قاصدين البصرة وكان الذي يصلي بالناس عبد الله بن الزبير والمؤذن مروان بن الحكم ومروا في مسير هم ليلاً بماء يقال له الحوأب فنبحتهم كلاب عنده فلما سمعت ذلك عائشة قالت ما اسم هذا المكان؟ قالوا الحوأب فضربت بإحدى يديها على الأخرى وقالت إنا لله وإنا إليه راجعون ما أظنني إلا راجعة قالوا: ولم؟ قالت سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لنسائه (ليت شعري أيتكن التي تنبحها كلاب الحوأب؟) ثم ضربت عضد بعيرها وأناخته وقالت ردوني , ردوني أنا والله صاحبة ماء الحوأب فأناخ الناس حولها يوماً وليلة وقال لها عبد الله بن الزبير إن الذي أخبرك أن هذا ماء الحوأب قد كذب , ولما اقتربت من البصرة كتبت إلى الأخنف بن قيس وغيره من رؤوس الناس وذكرت لهم أنها جاءت للقيام بطلب دم عثمان لأنه قتل مظلوماً ونزلت أم المؤمنين قريباً من البصرة والتحق