للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن أبي الدنيا: (حدثني هارون بن سفيان عن عبد الله السهمي حدثني ثمامة بن كلثوم أن آخر خطبة خطبها معاوية أن قال: أيها الناس إن من زرع قد استحصد، وإني قد وليتكم ولن يليكم أحد بعدي خيرٌ مني، إنما يليكم من هو شر مني، كما كان من وليكم قبلي خيراً مني , ويا يزيد إذا دنا أجلي فولِ غسلي رجلاً لبيباً , فإن اللبيب من الله بمكان، فلينعم الغسل وليجهر بالتكبير، ثم اعمد إلى منديل في الخزانة فيه ثوب من ثياب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقراضة من شعره وأظفاره فاستودع القراضة أنفي وفمي، وأذني وعيني، واجعل ذلك الثوب مما يلي جلدي دون لفافي، ويا يزيد احفظ وصية الله في الوالدين. فإذا ادرجتموني في جريدتي ووضعتموني في حفرتي فخلوا معاوية وارحم الراحمين.) (١)

(وقال أبو السائب المخزومي: لما حضرت معاوية الوفاة تمثل بقول الشاعر:

إن تناقش يكن نقاشكَ يا ربُ عذاباً لا طوقَ لي بالعذابِ

أو تجاوز تجاوزَ العفوِ واصفحْ عن مسيءٍ ذنوبهُ كالترابِ

وقال محمد بن سيرين: جعل معاوية لما احتضر يضع خداً على الأرض ثم يقلب وجهه ويضع الخد الآخر ويبكي ويقول: اللهم إنك قلت في كتابك {إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} النساء ٤٨

اللهم فاجعلني فيمن تشاء أن تغفر له. وقال العتبي عن أبيه: تمثل معاوية عند موته بقول بعضهم وهو في السياق:

هو الموتُ لا منجا منَ الموتِ والذي نحاذرُ بعد الموتِ أدهى وأفظعُ


(١) -المصدر السابق ٨/٥١٤- ٥١٥

<<  <   >  >>