وجد والده قد وظف على أهل فاس مكوسًا على الموازين كميزان سيدي فرج وميزان قاعة السمن وميزان قاعة الزيت وقدره ثلاثمائة مثقال في الشهر فاستفتى علماء فاس فأجازوه بشرط أن لا يكون للسلطان مال فوظف السلطان المكس على الأبواب والغلات والسلع وكان ممن افتى بذلك الشيخ التاودي بن سودة ومحمد بن قاسم جسوس وعمر الفاسي وعبد الرحمن المنجرة ومحمد بن عبد الله الصادق الطرابلسي وعبد القادر أبو خريص، (الاستقصا ج ٤ ص ٩٣).
وقد بلغ ذلك المكس بفاس في عهد السلطان سيدي محمد بن عبد الله خمسمائة ألف مثقال سنويًا أي نحو ٢,٥٠٠.٠٠٠ فرنك حسب سعر ذلك العصر (٢٤١. Surdon, la France en Afrique de nord p) .
ولما بويع المولى سليمان أسقط المكوس التي كانت موظفة على حواضر المغرب في الأبواب والأسواق وعلى السلع والغلل والجلد وعشبة الدخان وقد كان الدخل أيام المولى محمد بن عبد الله خمسمائة ألف مثقال مثبتة في الدفاتر ومن ذلك المكس كان صائر العسكر في الكسوة والسروج والسلاح والعدة والإقامة والخياطة والتنافيذ (أي ما ينفذ من عطاءات) لوجوه القبائل
والمؤونة للعسكر ولدور السلطان وسائر تعلقاته وكان هذا المكس كافيًا لصوائر الدولة ولا يدخل بيت المال أي مال المراسي وأعثار القبائل وزكواتهم وكان مستفاد هذا المكس يعادل مال المراسي وأعثار القبائل وقد عوضه الله أكثر من زكوات القبائل والرسوم والأعثار الموظفة على أموال التجار في المواني وقد نتج عن عدل السلطان أن المواشي نمت والخيرات كثرت فصارت القبيلة تعطي عشرين أو ثلاثين ألفًا بدل عشرة آلاف مثقال (الاستقصا ج ٤ ص ١٦٩).
وقد أحدثه من جديد بفاس السلطان المولى عبد الرحمن عام (١٢٦٦ هـ /١٨٤٩ م) أولًا في الجلد على يد المصطفى الدكالي بن الجيلاني الرباطي والمكي القباج الفاسي ثم في البهائم ثم تفاحش أمره في دولة ابنه سيدي محمد بن عبد الرحمن. (الاستقصا ج ٤ ص ٢٠١).