قال إسحاق بن منصور: قُلْتُ لإسحاقَ: تفسير: "الحلالُ بيّن، والحرامُ بيّن"؟
قَالَ: أمَّا ما جاء عَنِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "الحلالُ بيّن، والحرامُ بيّن"، نقول: ما أحلَّ اللَّهُ عز وجل في كتابِه، وأحله الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- فذلك بيّن، لا يجوز إلَّا التمسك به، وكذلك الحرام بيّن في كتابِ اللَّهِ سبحانه وتعالى وبين الرسول -صلى اللَّه عليه وسلم- إرادة اللَّه سبحانه وتعالى في ذَلِكَ، كي ينتهيَ الناسُ عنه، وبيْن الحلالِ والحرام أمور مُشتبهةٌ تخفى على أهل العلمِ، فلا يدرون أيتقدمون عليها، أم يتأخرون عنها؛ لما لا يجدون في القرآنِ أو سنة رسولِ اللَّهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- بيانَ حلالها مِنْ حرامها، فالوقوف عند ذَلِكَ خير من التقحم عليها، وهي أمور مشكلة. مِنْ ههنا ذكر في غيرِ حديثٍ عَنِ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- وأصحابه -رضي اللَّه عنهم-: أن الرجل ينبغي له أن يكونَ بينه وبين الحرامِ سترًا مِنَ الحلالِ، حَتَّى يكونَ قد استبرأ لدينِه وعرضه، فإنَّه إذا استوعبَ الحلال كله أفضى إلى الحرامِ، وقد ضرب النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لذلك مثلًا، فقال: المتقدمُ على الشُبهةِ كالرَّاعي حولَ الحمى، يوشكُ أنْ يواقع الحمى.
وكذلك قَالَ عمرُ بنُ الخطاب -رضي اللَّه عنه-: دعوا الربا والريبة (١). لمّا خاف إذا تناولت الريبة وقعت في الربا وأنت لا تعلم.
(١) رواه الإمام أحمد ١/ ٣٦، وابن ماجه (٢٢٧٦) قال البوصيري في "مصباح الزجاجة" ٣/ ٣٥: هذا إسناد صحيح، رجاله ثقات. وصححه الألباني في "صحيح ابن ماجه" (١٨٤٦). وفي الباب عن ابن عباس رواه البخاري (٤٥٤٤).