١٤٨ - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ، قَالَ: أنا شَرِيكٌ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ، قَالَتْ: «أَتَانَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَوَضَّأَ فَمَسَحَ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ وَبَاطِنَهُمَا» .
١٤٩ - حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُدَ، قَالَ: ثنا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: ثنا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنِ الرُّبَيِّعِ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَفِي هَذِهِ الْآثَارِ أَنَّ حُكْمَ الْأُذُنَيْنِ مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا وَمَا أَدْبَرَ مِنَ الرَّأْسِ , وَقَدْ تَوَاتَرَتِ الْآثَارُ بِذَلِكَ مَا لَمْ تَتَوَاتَرْ بِمَا خَالَفَهُ. فَهَذَا وَجْهُ هَذَا الْبَابِ مِنْ طَرِيقِ الْآثَارِ. وَأَمَّا مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ , فَإِنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الْمُحْرِمَةَ لَيْسَ لَهَا أَنْ تُغَطِّيَ وَجْهَهَا وَلَهَا أَنْ تُغَطِّيَ رَأْسَهَا، وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ لَهَا أَنْ تُغَطِّيَ أُذُنَيْهَا ظَاهِرَهُمَا وَبَاطِنَهُمَا , وَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ حُكْمَهُمَا حُكْمُ الرَّأْسِ فِي الْمَسْحِ لَا حُكْمُ الْوَجْهِ. وَحُجَّةٌ أُخْرَى أَنَّا قَدْ رَأَيْنَاهُمْ لَمْ يَخْتَلِفُوا أَنَّ مَا أَدْبَرَ مِنْهُمَا يُمْسَحُ مَعَ الرَّأْسِ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا عَلَى مَا ذَكَرْنَا. فَنَظَرْنَا فِي ذَلِكَ فَرَأَيْنَا الْأَعْضَاءَ الَّتِي قَدِ اتَّفَقُوا عَلَى فَرْضِيَّتِهَا فِي الْوُضُوءِ: الْوَجْهُ وَالْيَدَانِ وَالرِّجْلَانِ وَالرَّأْسُ. فَكَانَ الْوَجْهُ يُغْسَلُ كُلُّهُ , وَكَذَلِكَ الْيَدَانِ , وَكَذَلِكَ الرِّجْلَانِ , وَلَمْ يَكُنْ حُكْمُ شَيْءٍ مِنْ تِلْكَ الْأَعْضَاءِ خِلَافَ حُكْمِ بَقِيَّتِهِ. بَلْ جُعِلَ حُكْمُ كُلِّ عُضْوٍ مِنْهَا حُكْمًا وَاحِدًا , فَجُعِلَ مَغْسُولًا كُلُّهُ , أَوْ مَمْسُوحًا كُلُّهُ. ⦗٣٤⦘ وَاتَّفَقُوا أَنَّ مَا أَدْبَرَ مِنَ الْأُذُنَيْنِ فَحُكْمُهُ الْمَسْحُ , فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَا أَقْبَلَ مِنْهُمَا كَذَلِكَ , وَأَنْ يَكُونَ حُكْمُ الْأُذُنَيْنِ كُلُّهُ حُكْمًا وَاحِدًا كَمَا كَانَ حُكْمُ سَائِرِ الْأَعْضَاءِ الَّتِي ذَكَرْنَا. فَهَذَا وَجْهُ النَّظَرِ فِي هَذَا الْبَابِ , وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ رَحِمَهُمُ اللهُ، وَقَدْ قَالَ بِذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute