بَابُ الرَّجُلِ يَدْخُلُ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَيُصَلِّي مِنْهَا رَكْعَةً ثُمَّ تَطْلُعُ الشَّمْسُ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: رَوَى عَطَاءُ بْنُ يَسَارٍ وَغَيْرُهُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَقَدْ أَدْرَكَ الصَّلَاةَ» وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ بِأَسَانِيدِهِ فِي بَابِ مَوَاقِيتِ الصَّلَاةِ. فَذَهَبَ قَوْمٌ إِلَى أَنَّ مَنْ صَلَّى مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , ثُمَّ طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ , صَلَّى إِلَيْهَا أُخْرَى , وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِهَذَا الْأَثَرِ. وَخَالَفَهُمْ فِي ذَلِكَ آخَرُونَ , فَقَالُوا: إِذَا طَلَعَتِ الشَّمْسُ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ , فَسَدَتْ عَلَيْهِ وَقَالُوا: لَيْسَ فِي هَذَا الْأَثَرِ دَلَالَةٌ عَلَى مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , لِأَنَّ قَوْلَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَنْ أَدْرَكَ مِنْ صَلَاةِ الصُّبْحِ رَكْعَةً قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ , فَقَدْ أَدْرَكَ» قَدْ يَحْتَمِلُ مَا قَالَهُ أَهْلُ الْمَقَالَةِ الْأُولَى , وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ عَنَى بِهِ الصِّبْيَانَ الَّذِينَ يَبْلُغُونَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ , وَالْحُيَّضَ اللَّاتِي يَطْهُرْنَ , وَالنَّصَارَى الَّذِينَ يُسْلِمُونَ , لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ فِي هَذَا الْأَثَرِ الْإِدْرَاكَ وَلَمْ يَذْكُرِ الصَّلَاةَ , فَيَكُونُ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ سَمَّيْنَاهُمْ وَمَنْ أَشْبَهَهُمْ , مُدْرِكِينَ لِهَذِهِ الصَّلَاةِ , وَيَجِبُ عَلَيْهِمْ قَضَاؤُهَا وَإِنْ كَانَ الَّذِي بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْتِهَا أَقَلَّ مِنَ الْمِقْدَارِ الَّذِي يُصَلُّونَهَا فِيهِ. قَالُوا: وَهَذَا الْحَدِيثُ هُوَ الَّذِي ذَهَبْنَا فِيهِ إِلَى أَنَّ الْمَجَانِينَ إِذَا أَفَاقُوا , وَالصِّبْيَانَ إِذَا بَلَغُوا , وَالنَّصَارَى إِذَا أَسْلَمُوا , وَالْحُيَّضَ إِذَا طَهُرْنَ , وَقَدْ بَقِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ وَقْتِ الصُّبْحِ مِقْدَارُ رَكْعَةٍ , أَنَّهُمْ لَهَا مُدْرِكُونَ فَلَمْ نُخَالِفْ هَذَا الْحَدِيثَ , وَإِنْ خَالَفْنَا تَأْوِيلَ أَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى. فَكَانَ مِنَ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ لِأَهْلِ الْمَقَالَةِ الْأُولَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute