بَابُ الْقَسَامَةِ كَيْفَ هِيَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الْقَتِيلِ الْمَوْجُودِ فِي مَحَلَّةِ قَوْمٍ كَيْفَ الْقَسَامَةُ الْوَاجِبَةُ فِيهِ؟ فَقَالَ قَوْمٌ: يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ بِاللهِ مَا قَتَلْنَا فَإِنْ أَبَوْا أَنْ يَحْلِفُوا اسْتُحْلِفَ الْمُدَّعُونَ وَاسْتَحَقُّوا مَا ادَّعَوْا. وَاحْتَجُّوا فِي ذَلِكَ بِحَدِيثِ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي الْبَابِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا الْبَابِ. وَقَالَ آخَرُونَ: بَلْ يُسْتَحْلَفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ فَإِذَا حَلَفُوا غَرِمُوا الدِّيَةَ. وَقَالُوا: قَوْلُ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْأَنْصَارِ «أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ؟» إِنَّمَا كَانَ عَلَى النَّكِيرِ مِنْهُ عَلَيْهِمْ كَأَنَّهُ قَالَ «أَتَدَّعُونَ وَتَأْخُذُونَ؟» وَذَلِكَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهُمْ " أَفَتُبَرِّئُكُمْ يَهُودُ بِخَمْسِينَ يَمِينًا بِاللهِ مَا قَتَلْنَا. فَقَالُوا: كَيْفَ نَقْبَلُ أَيْمَانَ قَوْمٍ كُفَّارٍ؟ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَتَحْلِفُونَ وَتَسْتَحِقُّونَ؟ ". أَيْ: إِنَّ الْيَهُودَ وَإِنْ كَانُوا كُفَّارًا فَلَيْسَ عَلَيْهِمْ فِيمَا تَدَّعُونَ عَلَيْهِمْ غَيْرَ أَيْمَانِهِمْ. وَكَمَا لَا يُقْبَلُ مِنْكُمْ - وَإِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ - أَيْمَانُكُمْ فَتَسْتَحِقُّونَ بِهَا كَذَلِكَ لَا يَجِبُ عَلَى الْيَهُودِ بِدَعْوَاكُمْ عَلَيْهِمْ غَيْرُ أَيْمَانِهِمْ. وَالدَّلِيلُ عَلَى صِحَّةِ هَذَا التَّأْوِيلِ مَا قَدْ حَكَمَ بِهِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَضْرَةِ أَصْحَابِهِ فَلَمْ يُنْكِرْهُ عَلَيْهِ مِنْهُمْ مُنْكِرٌ. وَمُحَالٌ أَنْ يَكُونَ عِنْدَ الْأَنْصَارِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ مِنْ ذَلِكَ عِلْمٌ وَلَا سِيَّمَا مِثْلُ مُحَيِّصَةَ وَقَدْ كَانَ حَيًّا يَوْمَئِذٍ وَسَهْلُ بْنُ أَبِي حَثْمَةَ وَلَا يُخْبِرُونَهُ بِهِ وَيَقُولُونَ: لَيْسَ هَكَذَا قَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَنَا عَلَى الْيَهُودِ. فَمِمَّا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute