١٧٣٩ - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ يُوسُفَ، قَالَ: ثنا بَكْرُ بْنُ مُضَرَ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ رَبِيعَةَ، حَدَّثَهُ , عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَلَمْ يَرْفَعْهُ , قَالَ: «لَا تُوتِرُوا بِثَلَاثِ رَكَعَاتٍ تَشَبَّهُوا بِالْمَغْرِبِ , وَلَكِنْ أَوْتِرُوا بِخَمْسٍ أَوْ بِسَبْعٍ أَوْ بِتِسْعٍ أَوْ بِإِحْدَى عَشْرَةَ» فَقَدْ يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ كَرِهَ إِفْرَادَ الْوِتْرِ حَتَّى يَكُونَ مَعَهُ شَفْعٌ عَلَى مَا قَدْ رَوَيْنَا قَبْلَ هَذَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَعَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ فَيَكُونُ ذَلِكَ تَطَوُّعًا قَبْلَ الْوِتْرِ وَفِي ذَلِكَ نَفْيُ الْوَاحِدَةِ أَنْ تَكُونَ وِتْرًا. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ عَلَى مَعْنَى مَا ذَكَرْنَا مِنْ حَدِيثِ أَبِي أَيُّوبَ فِي التَّخْيِيرِ إِلَّا أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِبَاحَةُ الْوِتْرِ بِالْوَاحِدَةِ. فَقَدْ ثَبَتَ بِهَذِهِ الْآثَارِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّ الْوِتْرَ أَكْثَرُ مِنْ رَكْعَةٍ , وَلَمْ يُرْوَ فِي الرَّكْعَةِ شَيْءٌ وَتَأْوِيلُهُ يَحْتَمِلُ مَا قَدْ شَرَحْنَاهُ وَبَيَّنَّاهُ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ هَذَا الْبَابِ ثُمَّ أَرَدْنَا أَنْ نَلْتَمِسَ ذَلِكَ مِنْ طَرِيقِ النَّظَرِ فَوَجَدْنَا الْوِتْرَ لَا يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ , إِمَّا أَنْ يَكُونَ فَرْضًا أَوْ سُنَّةً , فَإِنْ كَانَ فَرْضًا فَإِنَّا لَمْ نَرَ شَيْئًا مِنَ الْفَرَائِضِ إِلَّا عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ , فَمِنْهُ مَا هُوَ رَكْعَتَانِ , وَمِنْهُ مَا هُوَ أَرْبَعٌ وَمِنْهُ مَا هُوَ ثَلَاثٌ , وَكُلٌّ قَدْ أَجْمَعَ أَنَّ الْوِتْرَ لَا تَكُونُ اثْنَتَيْنِ وَلَا أَرْبَعًا. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّهُ ثَلَاثٌ. ⦗٢٩٣⦘ هَذَا إِذَا كَانَ فَرْضًا , وَأَمَّا إِذَا كَانَ سُنَّةً , فَإِنَّا لَمْ نَجِدْ شَيْئًا مِنَ السُّنَنِ إِلَّا وَلَهُ مِثْلٌ فِي الْفَرْضِ. مِنْ ذَلِكَ الصَّلَاةُ مِنْهَا تَطَوُّعٌ , وَمِنْهَا فَرْضٌ. وَمِنْ ذَلِكَ: الصَّدَقَاتُ , لَهَا أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ , وَهُوَ الزَّكَاةُ. وَمِنْ ذَلِكَ: الصِّيَامُ , وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ , وَهُوَ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ وَمَا أَوْجَبَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْكَفَّارَاتِ. وَمِنْ ذَلِكَ الْحَجُّ , يُتَطَوَّعُ بِهِ , وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ , وَهُوَ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ. وَمِنْ ذَلِكَ الْعُمْرَةُ , يُتَطَوَّعُ بِهَا , وَوُجُوبُهَا فِيهِ اخْتِلَافٌ سَنُبَيِّنُهُ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللهُ تَعَالَى. وَمِنْ ذَلِكَ الْعَتَاقُ , لَهُ أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ , وَهُوَ مَا فَرَضَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْكِتَابِ مِنَ الْكَفَّارَاتِ وَالظِّهَارِ. فَكَانَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا يُتَطَوَّعُ بِهَا , وَلَهَا أُصُولٌ فِي الْفَرْضِ , فَلَمْ نَرَ شَيْئًا يُتَطَوَّعُ بِهِ , إِلَّا وَلَهُ أَصْلٌ فِي الْفَرْضِ. وَقَدْ رَأَيْنَا أَشْيَاءَ هِيَ فَرْضٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَطَوَّعَ بِهَا. مِنْهَا الصَّلَاةُ عَلَى الْجِنَازَةِ وَهِيَ فَرْضٌ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَطَوَّعَ بِهَا وَلَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى مَيِّتٍ مَرَّتَيْنِ يَتَطَوَّعُ بِالْآخِرَةِ مِنْهُمَا. فَكَانَ الْفَرْضُ قَدْ يَكُونُ فِي شَيْءٍ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُتَطَوَّعَ بِمِثْلِهِ. وَلَمْ نَرَ شَيْئًا يُتَطَوَّعُ بِهِ إِلَّا وَلَهُ مِثْلٌ فِي الْفَرْضِ , مِنْهُ أُخِذَ , وَكَانَ الْوِتْرُ يُتَطَوَّعُ بِهِ , فَلَمْ يَجُزْ أَنْ يَكُونَ كَذَلِكَ إِلَّا وَلَهُ مِثْلٌ فِي الْفَرْضِ , وَالْفَرْضُ لَمْ نَجِدْ فِيهِ وِتْرًا إِلَّا ثَلَاثًا. فَثَبَتَ بِذَلِكَ أَنَّ الْوِتْرَ ثَلَاثٌ. هَذَا هُوَ النَّظَرُ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ , وَأَبِي يُوسُفَ , وَمُحَمَّدٍ , رَحِمَهُمُ اللهُ تَعَالَى. وَقَدْ رُوِيَ فِي ذَلِكَ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ