١٨٨٤ - وَذَهَبَ آخَرُونَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ إِلَى مَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ شَيْبَةَ قَالَ: ثنا قَبِيصَةُ , قَالَ: ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ , عَنْ مَنْصُورٍ , عَنْ مُجَاهِدٍ , عَنْ أَبِي عَيَّاشٍ الزُّرَقِيِّ , قَالَ: " صَلَّى بِنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الظُّهْرَ بِ عُسْفَانَ وَالْمُشْرِكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ , فِيهِمْ أَوْ عَلَيْهِمْ , خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ , فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَقَدْ كَانُوا فِي صَلَاةٍ لَوْ أَصَبْنَا مِنْهُمْ لَكَانَتِ الْغَنِيمَةُ. فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّهَا سَتَجِيءُ صَلَاةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَبْنَائِهِمْ قَالَ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بِالْآيَاتِ فِيمَا بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ. قَالَ: فَصَلَّى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْعَصْرَ , وَصَفَّ النَّاسُ صَفَّيْنِ , وَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا ⦗٣١٩⦘ ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ سَجَدَ وَسَجَدَ الصَّفُّ الَّذِي يَلُونَهُ , وَقَامَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ يَحْرُسُونَهُمْ بِسِلَاحِهِمْ , ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا جَمِيعًا , ثُمَّ سَجَدَ الصَّفُّ الْآخَرُ ثُمَّ رَفَعُوا. وَتَأَخَّرَ الصَّفُّ الْمُقَدَّمُ وَتَقَدَّمَ الصَّفُّ الْمُؤَخَّرُ , فَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ رَكَعَ وَرَكَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ رَفَعَ وَرَفَعُوا مَعَهُ جَمِيعًا , ثُمَّ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَصَلَّاهَا مَرَّةً أُخْرَى فِي أَرْضِ بَنِي سُلَيْمٍ "
١٨٨٥ - حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرَةَ، قَالَ: ثنا مُؤَمَّلٌ، قَالَ: ثنا سُفْيَانُ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ صَلَّاهَا فَذَكَرَ نَحْوًا مِنْ هَذَا وَكَانَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى مِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا الْحَدِيثِ. وَتَرَكَهُ أَبُو حَنِيفَةَ , وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ ; لِأَنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: ١٠٢] وَفِي هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ صَلَّوْا جَمِيعًا. وَفِي حَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا , وَعُبَيْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ اللهِ , عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا وَفِي حَدِيثِ حُذَيْفَةَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ دُخُولُ الطَّائِفَةِ الثَّانِيَةِ فِي الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ لَمْ يَكُونُوا صَلَّوْا قَبْلَ ذَلِكَ , فَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى مَا جَاءَتْ بِهِ الرِّوَايَةُ عَنْهُمْ , عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ فَكَانَتْ عِنْدَهُ أَوْلَى مِنْ حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ , وَجَابِرٍ , هَذَيْنِ وَذَهَبَ أَبُو يُوسُفَ إِلَى أَنَّ الْعَدُوَّ إِذَا كَانَ فِي الْقِبْلَةِ , فَالصَّلَاةُ كَمَا رَوَى أَبُو عَيَّاشٍ وَجَابِرٌ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. وَإِنْ كَانُوا فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ , فَالصَّلَاةُ كَمَا رَوَى ابْنُ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَحُذَيْفَةُ , وَزَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ. لِأَنَّ فِي حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ أَنَّهُمْ كَانُوا فِي الْقِبْلَةِ , وَحَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ , وَحُذَيْفَةَ , وَزَيْدٍ , لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مَا يُوَافِقُ مَا رَوَوْا وَقَالَ: كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ. قَالَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ فَأُصَحِّحُ الْحَدِيثَيْنِ فَأَجْعَلُ حَدِيثَ ابْنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَمَا وَافَقَهُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَحَدِيثَ أَبِي عَيَّاشٍ , وَجَابِرٍ , إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ. وَلَيْسَ هَذَا بِخِلَافِ التَّنْزِيلِ عِنْدَنَا لِأَنَّهُ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ {وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ} [النساء: ١٠٢] إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ. ثُمَّ أَوْحَى اللهُ إِلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ كَيْفَ حُكْمُ الصَّلَاةِ إِذَا كَانُوا فِي الْقِبْلَةِ فَفَعَلَ الْفِعْلَيْنِ جَمِيعًا كَمَا جَاءَ الْخَبَرَانِ. وَهَذَا أَصَحُّ الْأَقَاوِيلِ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ وَأَوْلَاهَا ; لِأَنَّ تَصْحِيحَ الْآثَارِ يَشْهَدُ لَهُ وَقَدْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَدْ رُوِيَ عَنْهُ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ مَا قَدْ ذَكَرْنَا فِي أَوَّلِ هَذَا الْبَابِ مِمَّا رَوَاهُ عَنْهُ عُبَيْدِ اللهِ بْنُ عَبْدِ اللهِ مِنْ صَلَاةِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذِي قَرَدٍ فَكَانَ ذَلِكَ مُوَافِقًا لِمَا رَوَى عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ , وَعَبْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ , وَحُذَيْفَةُ , وَزَيْدٌ , عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي ذَلِكَ. ثُمَّ رُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ مِنْ رَأْيِهِ مَا
١٨٨٦ - حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ شُعَيْبٍ , قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ ⦗٣٢٠⦘ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ صَالِحٍ الْهَاشِمِيُّ أَبُو بَكْرٍ قَالَ: ثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنِ الْأَعْرَجِ أَنَّهُ سَمِعَ عُبَيْدَ اللهِ بْنَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُولُ: «كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا يَقُولُ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ فَذَكَرَ مِثْلَ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» فِي حَدِيثِ أَبِي عَيَّاشٍ وَحَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الَّذِي وَافَقَهُ. فَلَمَّا كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَدْ عَلِمَ مِنْ فِعْلِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا عَلِمَ عَلَى مَا رَوَيْنَا عَنْهُ فِي حَدِيثِ عُبَيْدِ اللهِ , وَقَالَ: كَانَ الْمُشْرِكُونَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ , ثُمَّ قَالَ هَذَا بِرَأْيِهِ اسْتَحَالَ أَنْ يَكُونَ يُصَلُّونَ هَكَذَا , وَالْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ , وَيُصَلُّونَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ. كَمَا رَوَى عَنْهُ عُبَيْدٌ. لِأَنَّهُمْ إِذَا كَانُوا لَا يَسْتَدْبِرُونَ الْقِبْلَةَ وَالْعَدُوُّ فِي ظُهُورِهِمْ , كَانَ أَحْرَى أَنْ لَا يَسْتَدْبِرُوهَا إِذَا كَانُوا فِي وُجُوهِهِمْ. وَلَكِنْ مَا ذَكَرْنَا عَنْهُ مِنْ تَرْكِ الِاسْتِدْبَارِ هُوَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَيْضًا كَذَلِكَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ أَيْضًا فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ , كَمَا قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى. فَقَدْ أَحَاطَ عِلْمُنَا بِقَوْلِهِ بِخِلَافِ مَا رَوَى عَنْهُ عُبَيْدِ اللهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي الْقِبْلَةِ. وَلَمْ يَكُنْ لِيَقُولَ ذَلِكَ إِلَّا بَعْدَ ثُبُوتِ نَسْخِ ذَلِكَ عِنْدَهُ إِذَا كَانَ الْعَدُوُّ فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ فَجَعَلْنَا هَذَا الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْهُ مِنْ قَوْلِهِ هُوَ , فِي الْعَدُوِّ إِذَا كَانُوا فِي الْقِبْلَةِ , وَتَرَكْنَا حُكْمَ الْعَدُوِّ إِذَا كَانُوا فِي غَيْرِ الْقِبْلَةِ , عَلَى مِثْلِ مَا رَوَى عَنْهُ عُبَيْدِ اللهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَقَدْ كَانَ أَبُو يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ قَالَ مَرَّةً: لَا يُصَلَّى صَلَاةُ الْخَوْفِ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَزَعَمَ أَنَّ النَّاسَ إِنَّمَا صَلَّوْهَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا صَلَّوْهَا لِفَضْلِ الصَّلَاةِ مَعَهُ , وَهَذَا الْقَوْلُ عِنْدَنَا لَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ صَلَّوْهَا بَعْدَهُ , قَدْ صَلَّاهَا حُذَيْفَةُ , بِطَبَرِسْتَانَ , وَمَا فِي ذَلِكَ فَأَشْهَرُ مِنْ أَنْ يَحْتَاجَ إِلَى أَنْ نَذْكُرَهُ هَاهُنَا. فَإِنِ احْتَجَّ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِهِ {وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ} [النساء: ١٠٢] الْآيَةَ , فَقَالَ: إِنَّمَا أَمَرَ بِذَلِكَ , إِذَا كَانَ فِيهِمْ فَإِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ , انْقَطَعَ مَا أَمَرَ بِهِ مِنْ ذَلِكَ. قِيلَ لَهُ: فَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ} [التوبة: ١٠٣] الْآيَةَ , فَكَانَ الْخِطَابُ هَاهُنَا لَهُ , وَقَدْ أَجْمَعَ أَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَعْمُولًا بِهِ مِنْ بَعْدِهِ , كَمَا كَانَ يُعْمَلُ بِهِ فِي حَيَاتِهِ.
١٨٨٧ - وَلَقَدْ حَدَّثَنِي أَحْمَدُ بْنُ أَبِي عِمْرَانَ أَنَّهُ سَمِعَ أَبَا عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدَ بْنَ شُجَاعٍ الثَّلْجِيَّ يَعِيبُ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ رَحِمَهُ اللهُ هَذَا وَيَقُولُ: إِنَّ الصَّلَاةَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِنْ كَانَتْ أَفْضَلَ مِنَ الصَّلَاةِ مَعَ النَّاسِ جَمِيعًا فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِيهَا بِكَلَامٍ يَقْطَعُهَا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُفْعَلَ فِيهَا شَيْءٌ لَا يَفْعَلُهُ فِي الصَّلَاةِ مَعَ غَيْرِهِ وَأَنْ يَقْطَعَهَا مَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ خَلْفَ غَيْرِهِ مِنَ الْأَحْدَاثِ كُلِّهَا. فَلَمَّا كَانَتِ الصَّلَاةُ خَلْفَهُ لَا يَقْطَعُهَا الذَّهَابُ وَالْمَجِيءُ وَاسْتِدْبَارُ الْقِبْلَةِ إِذَا كَانَتْ صَلَاةَ خَوْفٍ كَانَتْ خَلْفَ غَيْرِهِ كَذَلِكَ أَيْضًا