٢١٢٨ - حَدَّثَنَا فَهْدٌ، قَالَ: ثنا أَبُو غَسَّانَ، قَالَ: ثنا زُهَيْرٌ، قَالَ: ثنا أَبُو إِسْحَاقَ، قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ يَزِيدَ، يَذْكُرُ: «أَنَّ عَبْدَ اللهِ بْنَ مَسْعُودٍ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُ كَانَ يَسْجُدُ فِي الْآيَةِ الْأُولَى مِنْ حم»
٢١٢٩ - حَدَّثَنَا صَالِحٌ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، قَالَ: ثنا هُشَيْمٌ، عَنْ رَجُلٍ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا مِثْلَهُ فَكَانَتْ هَذِهِ السَّجْدَةُ الَّتِي فِي حم مِمَّا قَدِ اتُّفِقَ عَلَيْهِ , وَاخْتُلِفَ فِي مَوْضِعِهَا. وَمَا ذَكَرْنَا قَبْلَ هَذَا مِنَ السُّجُودِ فِي السُّوَرِ الْأُخَرِ , فَقَدِ اتَّفَقُوا عَلَيْهَا وَعَلَى مَوَاضِعِهَا الَّتِي ذَكَرْنَاهَا , وَكَانَ مَوْضِعُ كُلِّ سَجْدَةٍ مِنْهَا , فَهُوَ مَوْضِعُ إِخْبَارٍ , وَلَيْسَ بِمَوْضِعِ أَمْرٍ، وَقَدْ رَأَيْنَا السُّجُودَ مَذْكُورًا فِي مَوَاضِعِ أَمْرٍ , مِنْهَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكَ وَاسْجُدِي} [آل عمران: ٤٣] وَمِنْهَا قَوْلُهُ: {وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ} [الحجر: ٩٨] فَكُلٌّ قَدِ اتَّفَقَ أَنْ لَا سُجُودَ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. فَالنَّظَرُ عَلَى ذَلِكَ , أَنْ يَكُونَ كُلُّ مَوْضِعٍ مِمَّا اخْتُلِفَ فِيهِ , هَلْ فِيهِ سُجُودٌ أَمْ لَا؟ أَنْ نَنْظُرَ فِيهِ , فَإِنْ كَانَ مَوْضِعَ أَمْرٍ , فَإِنَّمَا هُوَ تَعْلِيمٌ , فَلَا سُجُودَ فِيهِ. وَكُلُّ مَوْضِعٍ فِيهِ خَبَرٌ عَنِ السُّجُودِ , فَهُوَ مَوْضِعُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ , فَكَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي اخْتُلِفَ فِيهِ , مِنْ سُورَةِ النَّجْمِ. فَقَالَ قَوْمٌ: هُوَ مَوْضِعُ سُجُودِ التِّلَاوَةِ , وَقَالَ آخَرُونَ: هُوَ لَيْسَ مَوْضِعَ سَجْدَةِ تِلَاوَةٍ , وَهُوَ قَوْلُهُ: {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: ٦٢] فَذَلِكَ أَمْرٌ وَلَيْسَ بِخَبَرٍ. فَكَانَ النَّظَرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ لَا يَكُونَ مَوْضِعَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ , وَكَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي اخْتُلِفَ فِيهِ أَيْضًا مِنِ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ هُوَ قَوْلُهُ: {كَلًّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ} [العلق: ١٩] فَذَلِكَ أَمْرٌ وَلَيْسَ بِخَبَرٍ. فَالنَّظَرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ لَا يَكُونَ مَوْضِعَ سُجُودِ تِلَاوَةٍ. وَكَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي اخْتُلِفَ فِيهِ مِنْ إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ هُوَ مَوْضِعَ سُجُودٍ أَوْ لَا هُوَ قَوْلُهُ {فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ} [الانشقاق: ٢١] فَذَلِكَ مَوْضِعُ إِخْبَارٍ لَا مَوْضِعُ أَمْرٍ. ⦗٣٦١⦘ فَالنَّظَرُ عَلَى مَا ذَكَرْنَا أَنْ يَكُونَ مَوْضِعَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ , وَيَكُونَ كُلُّ شَيْءٍ مِنَ السُّجُودِ يُرَدُّ إِلَى مَا ذَكَرْنَا. فَمَا كَانَ مِنْهُ أَمْرًا رُدَّ إِلَى شَكْلِهِ مِمَّا ذَكَرْنَا فَلَمْ يَكُنْ فِيهِ سُجُودٌ , وَمَا كَانَ مِنْهُ خَبَرًا رُدَّ إِلَى شَكْلِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ , فَكَانَ فِيهِ سُجُودٌ. فَهَذَا هُوَ النَّظَرُ فِي هَذَا الْبَابِ. فَكَانَ يَجِيءُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ مَوْضِعُ السُّجُودِ مِنْ حم هُوَ الْمَوْضِعَ الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ لِأَنَّهُ عِنْدَهُ خَبَرٌ , هُوَ قَوْلُهُ {فَإِنِ اسْتَكْبَرُوا فَالَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ يُسَبِّحُونَ لَهُ بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت: ٣٨] لَا كَمَا ذَهَبَ إِلَيْهِ مَنْ خَالَفَهُ , لِأَنَّ أُولَئِكَ جَعَلُوا السَّجْدَةَ عِنْدَ أَمْرٍ , وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت: ٣٧] فَكَانَ ذَلِكَ مَوْضِعَ أَمْرٍ , وَكَانَ الْمَوْضِعُ الْآخَرُ , مَوْضِعَ خَبَرٍ , وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ النَّظَرَ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ السُّجُودُ فِي مَوَاضِعِ الْخَبَرِ , لَا فِي مَوَاضِعِ الْأَمْرِ. فَكَانَ يَجِيءُ عَلَى ذَلِكَ أَنْ لَا يَكُونَ فِي سُورَةِ الْحَجِّ غَيْرُ سَجْدَةٍ وَاحِدَةٍ , لِأَنَّ الثَّانِيَةَ الْمُخْتَلَفَ فِيهَا إِنَّمَا مَوْضِعُهَا فِي قَوْلِ مَنْ يَجْعَلُهَا سَجْدَةً , مَوْضِعَ أَمْرٍ وَهُوَ قَوْلُهُ {ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ} [الحج: ٧٧] الْآيَةَ وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ مَوَاضِعَ سُجُودِ التِّلَاوَةِ , هِيَ مَوَاضِعُ الْأَخْبَارِ , لَا مَوَاضِعُ الْأَمْرِ. فَلَوْ خُلِّينَا وَالنَّظَرَ , لَكَانَ الْقَوْلُ فِي سُجُودِ التِّلَاوَةِ أَنْ نَنْظُرَ , فَمَا كَانَ مِنْهُ مَوْضِعَ أَمْرٍ لَمْ نَجْعَلْ فِيهِ سُجُودًا , وَمَا كَانَ مِنْهُ مَوْضِعَ خَبَرٍ جَعَلْنَا فِيهِ سُجُودًا , وَلَكِنَّ اتِّبَاعَ مَا ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْلَى. وَقَدِ اخْتُلِفَ فِي سُورَةِ ص فَقَالَ قَوْمٌ: فِيهَا سَجْدَةٌ , وَقَالَ آخَرُونَ: لَيْسَ فِيهَا سَجْدَةٌ. فَكَانَ النَّظَرُ عِنْدَنَا فِي ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ فِيهِ سَجْدَةٌ , لِأَنَّ الْمَوْضِعَ الَّذِي جَعَلَهُ مَنْ جَعَلَهُ فِيهَا سَجْدَةً , وَمَوْضِعُ السُّجُودِ هُوَ مَوْضِعُ خَبَرٍ , لَا مَوْضِعُ أَمْرٍ , وَهُوَ قَوْلُهُ {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: ٢٤] فَذَلِكَ خَبَرٌ. فَالنَّظَرُ فِيهِ أَنْ يُرَدَّ حُكْمُهُ إِلَى حُكْمِ أَشْكَالِهِ مِنَ الْأَخْبَارِ , فَيَكُونَ فِيهِ سَجْدَةٌ كَمَا يَكُونُ فِيهَا. وَقَدْ رُوِيَ ذَلِكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ